آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 2:39 م

مع حصاد 3 ملايين نخلة.. طبق ‘العفوسة’ يتصدر موائد الشرقية

جهات الإخبارية

مع موسم جني الرطب في محافظة القطيف وواحات المنطقة الشرقية، لا تقتصر الفرحة على وفرة الإنتاج فحسب، بل تمتد لإحياء عادات وموروثات اجتماعية أصيلة، يتصدرها طبق ”العفوسة“ التراثي، الذي يمثل نكهة الموسم السرية ورمز الكرم والضيافة المتوارثة.

ويعد طبق ”العفوسة“ أكثر من مجرد وجبة موسمية؛ فهو حكاية من عبق الماضي تتجدد كل صيف.

وأوضح المزارع سعود الخالدي من بلدة أم الساهك، أن هذا الطبق مرتبط حصريًا بموسم الرطب، ويُصنع بشكل أساسي من رطب ”الإخلاص“ الشهير.

وبيّن أن طريقة تحضيره ومكوناته تتشابه مع طبق ”العصيدة“ المعروف، لكن نكهته الفريدة تأتي من حلاوة الرطب الطازج، ليصبح بذلك علامة فارقة على موائد الضيافة وفي المجالس، حيث يُقدَّم بفخر إلى جانب القهوة السعودية.

وأكد الخالدي أن هذا الطبق يمثل رمزًا للمشاركة الاجتماعية، حيث كانت العائلات قديمًا تتبادله فيما بينها احتفاءً بالحصاد، وهو تقليد تتوارثه الأجيال كجزء لا يتجزأ من هوية المنطقة وتراثها الغني بالكرم.

ويأتي ظهور ”العفوسة“ متزامنًا مع انطلاق موسم الحصاد الذي ينتظره المزارعون بشغف، حيث يعبر المزارع حمد المغربي، الذي أمضى أكثر من نصف قرن في رعاية النخيل، عن بهجته الغامرة بقطف أولى الثمار.

وأشار إلى أن الموسم يمتد من شهر يوليو حتى دخول الشتاء، حاملاً معه أصنافًا متنوعة تبدأ بـ ”المكيف“ و”المجناش“، مرورًا بـ ”الشيشي“ و”البرحي“، وانتهاءً بـ ”العصور“.

وتحتضن المنطقة الشرقية ما يزيد على ثلاثة ملايين نخلة، تجعلها واحدة من أهم مناطق إنتاج الرطب والتمور في المملكة، والذي بدأ مؤخرًا يشق طريقه نحو الأسواق العالمية.

لكن على الرغم من هذا البعد الاقتصادي، يظل البعد الثقافي والاجتماعي للموسم هو الأعمق أثرًا في نفوس الأهالي.

وفي النهاية، يبقى طبق ”العفوسة“ شاهدًا حيًا على أن موسم الرطب ليس مجرد حصاد لثمار النخيل، بل هو احتفاء بالهوية، وتجديد للروابط الاجتماعية، وتذوق لذاكرة وطن تجسدها نكهة طبق أصيل يربط الحاضر بالماضي، ويحكي قصة الإنسان والأرض والنخلة.