آخر تحديث: 21 / 9 / 2025م - 1:17 ص

الأخت جوهرة لا تقدر بثمن

جمال حسن المطوع

فعلاً ومما لا شك فيه إنَّ الأخت هي أهم أحد الأشخاص في حياتنا، وذلك لأنها عبارة عن كتل من المشاعر الفياضة التي لا تنضب، فهي الحضن الدافئ الذي يلتئم بالحب والعطاء والحنان لما تحمله من روافد جياشة تزرع فينا الثقة والأمان والاطمئنان، فما إن واجه أحدُنا عوائق أو مشاكل حتى تبادر في خلق جو هادئ لترطيب نفوسنا المضطربة ومناقشة الأمور بروح سمحة بعيدة عن التشنج والهياج الذي يخرجنا عن جادة الصواب.

إذ هي صمام الأمان في حياتنا، وينطبق هذا أكثر فأكثر على عميدة الأخوات وأكبرهن سنًا في العائلة، والتي هي حلقة الوصل والأم الثانية في سلسلة العائلة لدورها النشط في التلاحم والتكاتف الأسري وتوابعها من الخدمات المنزلية المتعددة، ومعَ كل ما تتحمله من صعاب ومتاعب، لا تراها تمل ولا تتأفف بل تسعد بذلك. وكما ورد في حديث الإمام الصادق عندما قال: ”إن خير الأخوات هي الطيبة الريح الطيبة الطبيخ، التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمال الله لا يخيب ولا يندم“.

وهن اللاتي عندما تلتقي بهن تسعد برؤيتهن لأنك تشم منهن رائحة المسك والعنبر يفوح من أفواههن المتدفقة بجميل القول وحسن الطباع، بل هن أعظم من ذلك، لأنهن يتمتعن بجاذبية لا مثيل لها من الإقناع والتفاعل مع أحاديثهن الممتعة والممزوجة بأحلى الكلام وأعذبه. هذا من جانب، ومن جانب آخر يتفنن فيما يقدمن مما لذ وطاب من الطعام لأفراد العائلة، وبسبب الدقة والحرص على إتقان الأطباق، تحسبه كالمن والسلوى. ومن جهة أخرى يتميزن بالمشاركة الفعالة في إبداء الرأي والمشورة عندما يواجه بعضُنا تجارب قاسية، فتجدهن يشاطرنك الغصة والألم والسعي لإيجاد الحلول وتهوين الأمور، فيزرعن فينا الأمل ومحاربة اليأس والقنوط، ويتمثل هذا الدور أكثر وأكثر عند أكبرهن سنًا، لأنها بمثابة الأم للجميع، تحنو ولا تقسو، بل هي الشريان والامتداد الطبيعي لأمها، وهي الأكثر التصاقًا بأخواتها وإخوانها، وهي التي تكون سباقة دائمًا في حل ومعالجة الطوارئ من الأمور للجميع بقلب منفتح وصبر لا مثيل له. ولا أدل على ذلك ما أخبرني به أحدهم عن تجربة مريرة واجه فيها الكثير من المنغصات والعقبات في حياته العمرية والدراسية والعملية، فقد قاسى وعانى كثيرًا بسبب الظروف الخارجة عن إرادته ومقدرته على مواجهتها ومعالجتها، حيث أصيب بحالة من القلق والتوتر، ورجع ذات يوم إلى البيت مهمومًا مغمومًا منكسر الخاطر والمشاعر، فأحست أخته المتجانسة معه عمرًا بوجدانها الغامر وحبها الأخوي الصادق ما يعانيه أخوها، فتلقفته بيديها الحانيتين وحضنته قائلة: ”يا عزيزي وقرة عيني، فضفض همومك وافتح لي قلبك لعل وعسى أخفف عليك مما تعانيه وأشاركك الرأي فيما يوجب فعله“. فكانت له خير مشجع ومعين ومحفز وناصح، موجهة إليه جرعات ودفعات من الرجاء والأمل، فكانت سببًا في خروجه من تلك الحلقة الضيقة.

هكذا هي الأخت الوقورة، تتميز دائمًا بالقوة وسعة البال والتصميم على تخطي الصعاب والنصح لمن حولها ممن يعنيها أمرهم… فعلاً الأخت نعمة من نعم الله ورحمة من رحماته، وما تقدمه من تضحيات طوال عمرها، لهي البلسم الشافي والجوهرة التي لا تقدر بثمن.