آخر تحديث: 12 / 8 / 2025م - 6:43 ص

كن ممتنا... اتقن فن التخلي... وقدم استقالتك من منصب مدير الكرة الأرضية...

مفيدة أحمد اللويف *

لقد كتبت سابقًا مقالًا بعنوان ”ثمِّن الموجود وتخلَّ عن المفقود «قاعدة 99»“ حيث سردت فيه قصة الملك التعيس والخادم السعيد، وموضوع اليوم لا يختلف عن تلك القصة، ولكنني سأوضح لكم هنا بعض السلوكيات أو العادات التي يجب أن نمارسها حتى نتمكن من المضي قُدمًا بسعادة، من خلال طريق زاهر ومضيء.

فلنحاول أولًا أن نمارس مهارة الامتنان، ولنخرج من حدود دائرة الشكوى فهي تعيق تقدمنا إلى الأمام. أيضًا لنتنفس بعمق كل يوم وببساطة، ولنتعلم كيف نبتسم حتى مع أنفسنا. نحن لن نتمكن من تغيير الظروف المحيطة فهي خارجة عن أيدينا، ولكننا نستطيع أن نتكيف معها. إنه ليوم جميل وهادئ، وأجمل ما فيه هو عندما نستيقظ ونحن في أتم الصحة، ولنحمد الله على كل نعمهُ.

طبعًا نحن نستطيع أن نضع خططًا أولية لأي عمل أو أي مشروع، ومهما كان ماضينا فلنرمه خلفنا، ولنعطِ أنفسنا الفرصة لتجربة أمور جديدة مختلفة، ولا ندقق في الماضي كثيرًا، بل لنتعلم من أخطائنا السابقة للفائدة. وكذلك علينا أن ندع التفكير في المستقبل فهو مجهول، كما ينبغي أن نتعلم كيف نعيش اللحظة وأن نركز فيها، وبعد ذلك لا بد أن نتكيف سريعًا لأي تغيير في الظروف.

لنفكر دائمًا في تلك الأشياء الجميلة بحياتنا التي تشعرنا بالامتنان، مثل كوننا نعيش مع عائلة وسط بلد آمن، فهناك غيرنا من يعاني من المرض وأيضًا من يعاني الجوع والتشرد، كما في بعض المناطق الفقيرة أو تلك التي فيها الحروب. مارس الامتنان قبل النوم أو كل صباح، وتذكر كل المواقف الإيجابية التي حدثت لك في هذا اليوم، وتفائل بما سيحدث غدًا، وابتعد عن التفكير في أي موقف سلبي، بل اقلبه في عقلك إلى أمر إيجابي.

إضافة إلى ذلك، علينا أن نتعلم كيفية التخلي عن كل شيء، فنحن لا نملك حتى أنفسنا. وعلينا أن نحصي أيضًا كل النعم من حولنا ونقدرها كما ينبغي، وألا نتشبث بها، فهي ليست ملكية أبدية، وعندما نفقدها ستأتي غيرها بالتأكيد. أفضل شيء في هذه الحياة هو أن تستمتع بكل تجربة جديدة تمر عليك، وأن تكون ممتنًا لها، وتتعلم كيفية التخلي عنها، لأن أي شيء ممكن أن يختفي بالمستقبل. مثل أن يمتلك شخص منزلًا جميلًا وعائلة لطيفة في حي جميل، فهذا من الممكن أن يذهب غدًا، فلا شيء سيدوم كما نحن نريد.

أبسط شيء نفعله هو أن نقدر الطعام الذي نأكله، والهواء الذي نتنفسه، ونتخلى عن كل مفقود في حياتنا. فنحن عندما نمارس مهارة الامتنان والتخلي، سنتحرر من كل شيء يعيق تقدمنا، وسنتناغم مع هذا الوجود، لأن هذا سيمكننا من أن نكتشف الفرص الجديدة في حياتنا.

نقطة أخيرة ومهمة في حياتنا نحن البشر، وهي أن طاقاتنا محدودة وأوقاتنا أيضًا محدودة، فنحن لسنا الخارقين. فيما مضى كنت أحاول أن أستوعب كل الناس، وكنت أبذل جهدًا في إرضاء الجميع، وكنت أمارس بذل العطاء بمختلف أنواعه، كما أنني كنت لا أفوّت أي رسالة أو مكالمة إلا وأجبت عليها، إلى أن استوعبت أخيرًا أن حياتي ستتدمر إن سمحت لأي كان برمي مخلفاته النفسية أو تجاربه السيئة علي. وقررت أخيرًا أن أستقيل من منصب إدارة الكرة الأرضية، فأنا لست مسؤولة عن الجميع، وكان علي أن أعيد ترتيب كل المهام، وأحدد الأولويات حتى أصبح أكثر كفاءة، وأستمر في العطاء دون أن أحمل نفسي فوق طاقتها.