النهج الحسني ضوء للنهضة الحسينية.. عليهما السلام
إن الإمام الحسن المجتبى عظيمٌ في شخصه وأخلاقه، عظيمٌ في عطائه، صانع النهضة الحسينية المباركة ومفجّرها عندما كشف عورات المرجفين من أهل الضلال وكذبهم ونفاقهم على الأمة، حينما ضربوا بعرض الحائط كل العهود والمواثيق والشروط التي أبرمها الإمام الحسن مع أولئك المرجفين الذين نكثوا على أعقابهم جملة وتفصيلًا، ونتج عن هذا أحداث هي الأخطر، والتي قلبت الموازين فيها رأسًا على عقب بتحويلهم الخلافة إلى ملك عضوض، عندما ولى أمر المسلمين أناس متطرفين بالخلافة، وما أدراك ما أفعالهم التي تتنافى مع روح الإسلام وتعاليمه، خلطوا الحابل بالنابل، وقاموا بأعمال منافية للدين والقيم والإنسانية.
ومن ضمن مواقفهم التاريخية المشينة ما يُندى له الجبين، عندما أمروا جيشهم الغاصب للخلافة بسبي المدينة المنورة، وعاث جيشهم فيها ما لا يخطر على بال أحد. كل هذه الظروف والانفلاتات دفعت بالإمام الحسين إلى القيام بنهضة مضادة تُرجع الأمور إلى نصابها، فقدم حياته وحياة أهله وأصحابه رخيصة في الجهاد في سبيل الله لِيُحِقَّ الحقَّ ويدحض الباطل.
وتلاقَتْ واتفقتْ الرؤية والفكر الحسني بالنهج الحسيني، فكانت هذه البذرة الأولى الملحمية التي ولدت حركة تصحيحية جبارة أعادت الأمور إلى نصابها الحقيقي، التي أظهرت الإسلام المحمدي الأصيل نقيًا وصافيًا من كل الشوائب التي علقت به من أولئك الذين اختطفوا الدين إلى مكان ليس بمكانه، وعاد إلى جوهره وأصوله التي من أجلها بُني الإسلام وقام. هذا من جانب، ومن جانب آخر، قاسى الإمامان عليهما السلام ما قاسَيا من الظلم والتجريح، حتى من أقرب مناصريهم ومسانديهم، عندما حاولا وبذلا جهدًا مضاعفًا في سبيل تجنُّبَ المسلمين إراقة الدماء فيما بينهم. وكانت الظلامة أشد وقعًا على الإمام الحسن، لأنه الخليفة من بعد أبيه مباشرة، فقد كثرت الخيانات والدسائس حتى من أقرب المقرّبين إليه، وهو أحد أبناء عمومته عبيد الله بن العباس، الذي كان أحد القادة الذين يعتمد عليهم الإمام الحسن الزكي. وقد عمد الأعداء وأتباعهم إلى نشر الأضاليل والمفتريات والأراجيف الشيطانية التي يعتصر لها القلب ألمًا وغصّة، منها على سبيل المثال لا الحصر: أنه كان يعارض أباه في اتخاذ قرارات السلم والحرب، وفي تشابك دائم مع أخيه الحسين، وأنه يحب الترف والبذخ، مزواجٌ مطلاقٌ، حتى إن أباه نصح الناس بعدم تزويجه لكثرة الزيجات. وهي في الواقع افتراءات ليس لها أساس، بينما الواقع هو عكس كل ذلك، إنما جاءت هذه وتلك بُغضًا وفرية من أعدائه.
ولكن الكثير من المنصفين الباحثين عن شخصية الإمام الحسن أجزموا على نصاعة وبياض وقوة شخصيته، فقد ضرب الإمام الحسن أروع الأمثلة والشيم الإنسانية والأخلاقية والكرم بلا حدود، حتى لُقّب بكريم أهل البيت النبوي .
المآثر والمكارم تترى وأجلّ من أن تُحصى وتُعد، ولِمَ لا… وهو ممثل الباري في أرضه، والناطق باسم جده النبي محمد صلّى الله عليه وآله، والخليفة من بعد والده الإمام علي . فطوبى وألف طوبى لك يا مولاي، عندما وُلدت، وعندما استُشهِدتَ، وعندما تُبعث حيًّا.
مأجورين ومثابين بذكرى استشهاد سيدي ومولاي الإمام الحسن المجتبى .