ملامح
ما الشعر غير حالة حسية خفيةً استعصت على الفهم، فتمردت وثارت ضد العقل، فتناثرت كلمات حيناً مبهمة وحيناً مختلة المعنى عبثية الحركة بلا عنوان.
الشعر، حين يكتب عمداً قد يسطر أروع الأوزان، ويخضع كل بحوره، ويحكم قوافيه.
غير أنه قد يفقد إنسانية الشاعر فيه على ناصية النوايا، ويتلاشى مع أول ريح صادمة تعرّي الأصل فيه.
البوح ما أن يخضع للمنطق يتعثر فتسقط منه عذريته، ويغدو مجرد كلمات بلاغية متراصة يعتريها الجمود.
فمن لا يمتلك بصمته الحسية المتفردة كبصمة إبهامه لن يرضي نفسه، ولن تطيعه الحروف؛ لأنها بكل بساطة مستهلكة من قبل العموم ميتة دون الشعور.
نعم الفرق بين المفردة في الجملة الواحد هو حس كاتبها وكأنه ينطقها.
فإن لم يصلنا صوت الكلمة المقروءة إذاً استطاع الكاتب إيصال فكرته فقط، لكنه لم يستطع استفزاز مخيلتنا؛ لأنه لم يلامس خبايا مشاعرنا.
النص ما لم يسرقنا من لحظتنا، ويحلق بنا إلى خيالات مختلفة وأفكار تشبهنا وأحاسيس مستنسخة منا، فإنه لا يجدي نفعاً.
هكذا بكل بساطة الكل باستطاعته تركيب الجمل وإتقان المقال وتنميق النصوص.
ولكن مؤكد أنهم قليلون جداً من يستطيعون إحداث فارق في عقولنا وتغيير أمزجتنا بكلمات منثورة فوّق السطور.
المعنى:
الكاتب الحقيقي هو من يبث الروح في الكلمة، ويدعها تتغلغل في مشاعرنا، وتحتل ذاكرتنا لوقت طويل ولربما لا تنسى أبدا.
وما أكثر الكلمات التي قيلت منذ أزمان وحضارات مندثرة ما زالت خالدة ترسم ملامح ثقافتنا وتلهمنا.