آخر تحديث: 3 / 8 / 2025م - 1:50 ص

أنصار الإمام الحسين (ع): برير بن خضير الهمداني

محمد يوسف آل مال الله *

برير بن خضير الهمداني المشرقي كان أحد أبطال واقعة كربلاء واستشهد مع الإمام الحسين في العاشر من المحرم عام 61 هـ، وهو من بني مشرق - بطن من قبيلة همدان اليمانية، واستقر في الكوفة وقد وردت تسميات متعددة لاسمه، منها: برير بن خضير، برير بن حصين، وربما يزيد أو زيد بن حصين، ولكنّه معروف بـ ”برير بن خضير“ و”المشرقي“.

سيرته وشخصيته: يُعد برير بن خضير من التابعين ومن أبرز شيوخ القراء، وكان يُلقب بـ ”سيد القرّاء“ و”أقرؤ أهل زمانه“، شخصية ذات سلوك زاهد وورع، وكثُر الثناء عليه من علماء مثل الشيخ الصدوق والمجلسي والمامقاني.

صحبته لأهل البيت: رافق برير بن خضير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في معارك مثل الجمل وصفين والنهروان، ثم أيضًا الإمام الحسن ، قبل أن ينضم إلى الإمام الحسين بعد خروجه من مكة حتى كربلاء.

دوره في كربلاء: ذُكر أنّ عمر برير تجاوز التسعين عامًا، وقد شارك في الجهاد رغم كبر سنه وعلو نيته. وصفه بعضهم بـ ”الطاعن في الزهد“، رغم كبر السن يمشي إلى كربلاء للانضمام إلى الإمام الحسين ، متحررًا من الدنيا، مع تبنٍّ واضح للتضحية في سبيل الحق، ونقل عن الإمام الحسين عند وفاة برير بن خضير، أنّه وقف عند جثمانه وقال: ”بريراً من عباد الله الصالحين“، واكتنفته عاطفة خاصة قاطرة إمعان في مكانته وقيمته.

بعد أن أنهى الإمام الحسين خطابه لأصحابه، وقف برير بن خضير وخطبهم بكلمة مشهورة: ”يا بن رسول الله لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، تقطع فيك أعضاؤنا، حتى يكون جدّك يوم القيامة بين أيدينا شفيعًا لنا…“، ففي حوار مع عمر بن سعد، خاطبه ووعظه بشأن الجور الذي يُمارس تجاه الإمام الحسين وأهله ، ثم عاد ليخبر الإمام أنّه قد رضى بقتله من أجل ولاية ”الري“. كما أوكلت إليه مهمة التحدّث إلى جيش عمر بن سعد وحثهم على التوبة والوفاء بعهودهم، مستنكراً غدر أهل الكوفة بحق أهل البيت .

استشهاده: قُتل برير بن خضير في يوم عاشوراء على يد كعب بن جابر الأزدي أثناء القتال، بعد أن ضربه برمح ثم سيف، وظل يقاتل حتى لقي ربه «عليه الرحمة».

مواقف متميزة وأقوال ناصعة:

• احتجاجه لابن سعد بموقف واضح وحاسم في ليلة العاشر من محرم، حين حضر برير إلى خيمة عمر بن سعد فعقد معه حوارًا، قال له برير: ”لو كنتَ عرفت الله كما تقول لما خرجت إلَى عترة رسول الله تريد قتلهم… وهذا الحسين، والحسين قُتل عطشًا وأنت تمنعهم من ماء الفرات“.

• حواره مع أبي حرب السبيعي: حين خاطبه الأخير بقوله ”هلكت والله يا برير!“، رد برير بثبات: ”هل لك أن تتوب من ذنوبك العظام؟ فوالله إنّا نحن الطيّبون وأنتم الخبيثون“.

• إجابته لعبد الرحمن بن عبد ربه حول ”هذه الساعة الباطلة“، قال: ”لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شابًا ولا كهلاً، ولكنَّي مستبشر بما نحن لاقون، والله إن بيننا وبين الحور العين إلّا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم“.

• مباهلته مع يزيد بن معقل: حين خرج الأخير من معسكر عمر بن سعد وقال له: ”كيف ترى الله صنع بك؟“، فأجاب برير: ”صنع الله بي خيرًا، وصنع بك شرًّا“، وبعد تحدٍّ ومباهلة، قاومه بكل قوة حتى قتله بضربة أدّت إلى سقوطه.

فسلام على برير بن خضير يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّا.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 2
1
جواد المحسن
31 / 7 / 2025م - 10:58 ص
في لحظة كنت أفكر: كيف لشخص تجاوز التسعين أن يقاتل بنفس هذا الشجاعة؟ حكايته تذكرنا أن العمر في سبيل الحق لا يحسب بعدد السنوات بل بنقاء النية.
2
عماد آل عبيدان
31 / 7 / 2025م - 12:49 م
جمال ومقال ومحتوى ومعرفة بكل مقال شكرًا لك لهذا الثراء.