آخر تحديث: 31 / 7 / 2025م - 9:42 ص

القراءة وتخفيف الصدمات النفسية

يوسف أحمد الحسن * صحيفة البلاد

كثيرة هي الصدمات التي يتعرض لها الإنسان في حياته كمًّا ونوعًا. ربما يتعافى من بعضها سريعًا، وربما لا يستطيع ذلك بسهولة، أو ربما لا يجد من يقف معه بشكل كاف، ما يجعله مكشوفًا أمامها وعرضة لنتائجها ومضاعفاتها.

وقد تكون الصدمات شخصية؛ كفقدان قريب أو عزيز، أو كارثة عامة تصيب منطقته؛ كحرب أو زلازل أو حوادث من أنواع شتى، وقد يجد الإنسان من يسليه أو لا يجد، وهنا يأتي دور القراءة؛ بوصفها ملاذًا آمنًا ومفيدًا يمكنها أن تحميه أو أن تخفف من وقع المصائب عليه عبر عدة أساليب، منها أن الانغماس فيها ينقله إلى مكان آخر، ويحدث درجة من التشتيت في ذهنه، مبعدًا إياه ولو مؤقتًا عن الصدمة التي تعرض لها. ويمكن للقارئ عبر بعض القراءات أن يفهم ذاته من خلال قراءته للآخرين، أو لمواقفهم أو ردود فعلهم تجاه الصدمات التي يتعرضون لها.

وتعرض بعض الكتب - خاصة بعض الروايات - لمواقف قد يكون بعضها شبيهًا بما تعرض له القارئ الذي سيشعر بعدها أنه ليس وحده من يتعرض لصدمات ومشكلات، وربما اكتشف من بعض هذه الروايات أن مشكلته تافهة للغاية أمام ما يحصل من مشكلات في هذا العالم. وهو بهذا يعجل من وصوله إلى نضح حياتي؛ حين يقرأ ويتعرف على مشكلات غيره وكيف تعاملون معها.

وسواء قرأ سيرة ذاتية لشخصية أدبية أو اجتماعية كبيرة، وتعرف على بداياتها الصعبة وكيف تجاوزت كل عقبة حتى أصبحت كما نعرفها اليوم، أو خيالية كما في الروايات، فإن هذه القراءة ستكون بمنزلة العلاج الذاتي أو البلسم الشافي له. كما قد يتمكن عبر قراءة أبيات من الشعر الرقيق أو الحماسي، أو أي مقطوعة أدبية، من أن يتجاوز جميع العقبات النفسية التي تقف أمام تقدمه.

هذا حينما نقرأ وحدنا، أما القراءة الجماعية فإن أثرها يكون مضاعفًا؛ لأن القراءة حينها سوف تغدو مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر، مسهمة في تخفيف شعوره بالوحدة، وهو ما يعجل في معالجة صدماته النفسية، ومتيحة الفرصة له لينطلق نحو آفاق رحبة من التفاؤل والثقة بالنفس.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 3
1
هاشم الناصر
30 / 7 / 2025م - 2:21 م
أعجبني الطرح كثيرا وخصوصا الإشارة إلى أن الروايات تخلق فينا شعورا بالانتماء إلى المعاناة الإنسانية الكبرى. فعلا أحيانا نحتاج نعرف إننا مو وحدنا في الألم. المقال فيه روح تربوية ونفسية مؤثرة.
2
قاسم حسين
[ القطيف ]: 30 / 7 / 2025م - 5:09 م
المقال جميل بس أحسه يبالغ شوي في قدرة القراءة على تجاوز الصدمات. مو الكل يقدر يندمج بالكتب وقت الأزمة. أحيانا الناس تحتاج دعم نفسي مباشر قبل ما توصل لمرحلة التفاعل مع النصوص.
3
حسن خزام
30 / 7 / 2025م - 7:55 م
بصراحة المقال محفز لكن ودي أضيف إن نوعية القراءة مهمة. مو كل كتاب يصلح وقت الصدمة. فيه كتب تعمق الجرح بدل ما تخففه لذلك التوجيه ضروري جدا