قهوة مع حلا بـ 40 ريال بعدين تقول نصف الشهر راتبي طار
كثيرًا ما تتفاقم شكاوى الأفراد من ضياع رواتبهم قبل منتصف الشهر، الأمر الذي يدفعهم إلى الاقتراض أو الاعتماد على المدخرات المحدودة لاستكمال الشهر، وفي غيابها، يجدون أنفسهم في ترقب بالغ للراتب التالي، وكأنهم ”يجلسون على جمر حار“.
لقد طرأ تحول ملحوظ على السلوكيات الاجتماعية، لا سيما مع تأثير التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. فلقد تحول كوب القهوة من مجرد مشروب لتعديل المزاج إلى إكسسوار تجميلي للتباهي والتفاخر في الصور، مصحوبًا بعبارات مثل ”نرتشف القهوة“. هذا التوجه يدفع البعض لإنفاق مبالغ طائلة على القهوة، حتى وإن كلفهم ذلك جزءًا كبيرًا من راتبهم، ولي أن أتساءل: هل هذا البن ممزوج بماء من شلالات فرنسا؟ أم أن الكوب الورقي مصنوع من الذهب؟
مع كامل الاحترام، قد يكون لدى مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي دخل مرتفع، مما يجعل إنفاقهم على قهوة بسعر 24 ريالًا، مع قطعة حلوى أو كيكة بسعر 20 ريالًا، لا يؤثر بشكل كبير على ميزانيتهم الشهرية. إلا أن هذا السلوك يصبح خللًا واضحًا في إدارة الميزانية الشهرية عندما يصدر من شخص ذي دخل أقل من المتوسط، يسعى للتفاخر بكوب قهوة. يمكن ببساطة تحضير القهوة في المنزل بتكلفة لا تتجاوز ريالًا واحدًا، وهو ما يحقق نفس الغرض في تعديل المزاج. لا يوجد مبرر للإصرار على شرب القهوة في أماكن باهظة الثمن، فاحتياجات الأهل والأبناء أولى بمبلغ 40 ريالًا، الذي يمكن استغلاله في شراء بعض المستلزمات الضرورية للمنزل.
تعتمد بعض المقاهي على أساليب تسويقية متنوعة، لكنها غالبًا ما تكون غير مناسبة للأفراد ذوي الدخل المحدود. من الضروري إدارة ميزانية الراتب بعناية لتجنب الشعور بضيق الحال والترقب الشديد للراتب التالي. فربما يكون تضخم نمط الحياة وارتفاع الأسعار سببًا رئيسيًا في تبخر الراتب في منتصف الشهر.
لا يهدف هذا الطرح إلى منع الشباب من الاسترخاء أو الجلوس في المقاهي. لكن عندما يجلس شخصان فقط، وتصل الفاتورة إلى 80 ريالًا، في حين أن كوب القهوة في البوفيه يكلف ريالين والكيكة ريالًا واحدًا، بينما يرتفع سعرهما إلى 40 ريالًا في المقهى، فإن هذا يعكس سلوكًا غير متوازن وغير مبرر.
من جانب آخر، يمكن البحث عن حلول بديلة لهذه الظاهرة. فالجمعيات الخيرية أو المشاريع غير الربحية التي تدير مقاهي بديكورات فاخرة وأسعار معقولة، قد تمثل حلًا جوهريًا لمواجهة غلاء المقاهي. كذلك، ينبغي على البوفيهات أن تسعى لرفع مستوى جودة الديكور ومعايير النظافة والاهتمام بالواجهة، مما سيساهم في استقطاب الشباب وتقليل اعتماده على المقاهي باهظة الثمن.