أنصار الإمام الحسين (ع): عابس بن شبيب الشاكري التميمي
عابس بن شبيب الشاكري التميمي من أبرز أصحاب الإمام الحسين
، وأحد النماذج المضيئة في ملحمة كربلاء، عُرف بالشجاعة والبصيرة والولاء الصادق لأهل البيت
.
كان عابس بن شبيب من وجوه الشيعة في الكوفة، وكان ملازمًا لحركة مسلم بن عقيل «عليهما السلام» عند قدومه إلى الكوفة مندوبًا عن الإمام الحسين ، وكان من أنشط الناس في الدعوة للإمام الحسين
، كما رافق مسلم بن عقيل
في بيعة الناس وتهيئة الدعم.
عندما انهار وضع مسلم بن عقيل بعد خذلان الناس، أبلى عابس بن شبيب بلاءً حسنًا في الدفاع عنه، وقاتل معه حتى اللحظات الأخيرة، ثم استطاع أن ينجو ويلتحق بالإمام الحسين
في كربلاء.
نسبه ومكانته: هو عابس بن شبيب بن شاكر الشاكري التميمي، من قبيلة بني شاكر، وهي فرع من تميم، وقد عُرف أفرادها بالولاء لأمير المؤمنين علي وكان من الفرسان الشجعان والوجوه البارزة في الكوفة، كما كان من أشدّ أنصار الإمام علي ثم الإمام الحسن، وأخيراً الإمام الحسين
.
صفاته: كان عابس بن شبيب رجلًا شجاعًا جريئًا، لا يهاب الموت، ويُعد من أشد الناس بأسًا في الحرب، فهو صاحب عقيدة وبصيرة وكان مؤمنًا صادق الإيمان، عارفًا بإمام زمانه، ومحبًا لأهل البيت ومن الذين ثبتوا مع الإمام الحسين
حتى النهاية.
مواقفه: عندما خطب الإمام الحسين في كربلاء يدعو الناس إلى نصرة الحق، قام عابس وقال: ”يا أبا عبد الله، أما والله إنّي لأحب الله ورسوله، وأحب أهل بيته، ولقد والله لو أنّي أقتل ثم أحيا ثم أحرق، ثم أذرى، ثم يُفعل بي ذلك سبعين مرة، ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها“، فبهذا الموقف يُظهر أعلى درجات الفداء والإخلاص.
استشهاده: قاتل عابس بن شبيب قتال الأبطال يوم عاشوراء، حتى قال عنه بعض الرواة: ”خرج عابس وهو يضحك، وعليه لواء، فشد على القوم يقتل فيهم كالسيل، لا يقف له أحد، حتى تنكّر له جماعة فرموه بالحجارة من كل ناحية، ثم اجتمعوا عليه وقتلوه رضوان الله عليه“. لقد كان لمقتله أثرٌ بالغٌ في نفوس المعسكر الحسيني، حيث فقدوا واحدًا من أشجع رجالهم.
لقد مدحه الإمام الحسين وأثنى على إخلاصه وشجاعته، كما ذكره الإمام الصادق
بأعظم الذكر في وصف الشهداء المخلصين الذين ثبتوا مع الحق.
يقول الإمام جعفر الصادق متحدّثًا عن عابس بن شبيب الشاكري التميمي «رضوان الله عليه» بكلمات تعبّر عن عمق منزلته ورفعة مقامه، وخاصة في حديثه عن أصحاب الإمام الحسين
حيث روى الشيخ الكشّي في كتاب ”رجال الكشي“ - وهو من أوثق مصادر الرجال عند الشيعة - عن الإمام الصادق
قوله في وصف أصحاب الإمام الحسين
: ”ما أنعم الله على أحدٍ من الناس، بعد النبيين وأوصيائهم، أفضل من الشهداء الذين قتلوا مع الإمام الحسين
. وما بقي أحد ممن قاتل مع الحسين إلّا مضى ووجهه يتهلل فرحًا وسرورًا، وكان من الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله، عابس بن شبيب الشاكري“.
يمثّل عابس بن شبيب قمة الوفاء والبصيرة والوعي في نصرة الحق. لم يكن تابعًا أعمى، بل صاحب عقل وإرادة وفكر. كان يدرك تمامًا من هو الإمام الحسين
، ولم يغترّ بكثرة العدو ولا قلة الناصر.
عابس بن شبيب الشاكري التميمي هو الرجل الذي علّمنا كيف يكون الثبات عند الفتن، وكيف يُضحّى لأجل الحق، حتى وإن كنت وحدك في الميدان.
السلام على عابس بن شبيب يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّا.