آخر تحديث: 29 / 7 / 2025م - 12:42 م

هندسة المواهب

رائدة السبع * ‏صحيفة اليوم

هل غيرت روتينك ذات مرة؟

بعض الأحداث والمناسبات لا تغيّر جدولك، بل تغيّر علاقتك بالزمن نفسه.

هناك لحظات تمرّ على الذاكرة، وأخرى تُقيم فيها.

بدأت الحكاية حين استلمت دعوة لحفل تخرّج ابن أختي «ريان» من برنامج «موهبة»، مما أعاد ترتيب جدول يومي ليكون للحدث الأهمية القصوى.

لم أكن أعرف الكثير عن «موهبة»، سوى أنها محطة للابتكار والإبداع، وطريقٌ نحو المنصات العالمية للتتويج. هناك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، حيث يُخرجون مهندسين يُفهمون في كل شيء، حتى الأمور التي لم تُخترَع بعد. بدأ الحفل بمشهدٍ يخطف الانتباه قبل عدسات الكاميرات: طالبة سعودية حازت المركز الثاني عالميًا في المسابقة العلمية الدولية، في أعلى إنجاز تحقّقه المملكة العربية السعودية بمسابقة آيسف، تصعد المنصة لتقدّم الحفل بكامل الثقة والإتقان.

لم تكن تصف الإنجاز، بل كانت هي الإنجاز. كان الحفل بهيجًا، لكنه لم يكن احتفالًا فقط، بل إشعارًا ضمنيًّا أن المملكة لم تعد تنتظر المستقبل، بل تصنعه بعقول شبابها. رأيت في عيون الطلاب بريقًا لا يُصنّع، وأدركت أن القاعات التي تحتضن «موهبة» ليست فصولًا دراسية، بل ورشًا لصياغة غدٍ مختلف.

ابن أختي لم يتخرج من برنامج، بل من رؤية: أن الذكاء ليس عبقرية فردية، بل مشروع وطني.

فما الذي يجعل «موهبة» استثنائية؟

1- رؤية تكاملية تبدأ من الاكتشاف، ولا تنتهي إلا بالتمكين.

2- شراكات دولية تُخرج الطالب من المحلية إلى العالمية.

3- رعاية بحثية وإثرائية تصقل العقل وتُنمي المهارات.

4- تمثيل مشرّف في محافل العالم، يكتب اسم السعودية في سجلات التميّز.

5- إيمان حقيقي بأن الموهبة ليست خيارًا.. بل قدرٌ يجب رعايته.

خرجتُ من الحفل بفكرة جديدة عن التعليم، عن الطموح، عن المستقبل.. عن ابن أختي، الذي صار اليوم شاهدًا على ما يمكن أن تصنعه «موهبة»، حين تؤمن بالعقول الواعدة، وتُعاملها كما تستحق: كبارًا منذ اللحظة الأولى.. الحمدلله على وطن أصبح فيه ما كان نادرًا، حاضرًا وممكنًا

ومضة:

العلم ليس مجرد تراكم معلومات، بل هو رحلة اكتشاف مستمرة تُضيء دروب العقول الواعدة. وكما قال الفيلسوف جون ديوي: التعلم ليس تحضيرًا للحياة، بل هو الحياة نفسها.