ظِلُّ الجَوانِحِ والندوب
ظِلُّ الجَوانِحِ والندوب
ما عادَ فيَّ رجاءٌ.. كُلُّهُ سَفَرُ
فَهَل يعودُ جَناحُ الطيفِ، والذِّكَرُ؟
تَهوي الملامحُ في مرآةِ غربتها
وَيُخْنَقُ النبضُ، والأشباحُ تَندَثِرُ
هل كُنتُ نفسي أنا؟ أم ظلَّ خيبتِها؟
كأنني طيفُ من كانوا، ومن عَبَرُوا
عُمري غُبارُ مجازٍ في مدى ولهي
تغتالُني فيه أشواقٌ وتَنْصَهِرُ
عن مُقْلَتَيَّ تَوَارَوا في البعيدِ، وما
سِوَى الدُّموعِ على خَدَّيَّ تنهمرُ
أشتاقُهمْ وَتَراً، يُجتاحُنِي سَقَمًا!
إِنَّ الجَمالَ إِذا ما اجتاحَكَ الوَترُ!
كلُّ الزوايا سكونٌ، لا يُحادثُني
سوى جدارٍ بكى، والضوءُ يَنفَجِرُ
لمّا أتى الطفُّ، كم أغرى الحنينَ دَمٌ
وفي فؤاديَ نورُ الطفِّ مُنحَدِرُ
أَطْوِي السَّماءَ، وما شيءٌ ليُبصِرَني
غيرُ القميصِ، وفيه الطهرُ مُزدهِرُ
سِربُ الطيورِ التي من وجْدِها نَزَفَتْ
هامَتْ على التيهِ.. لا مأوى ولا وَكَرُ
أنا الذي لم أزلْ مذ كنتُ في رَحِمٍ
أسيرُ نحوَكَ.. في دربٍ لهُ بَصَرُ
ناديتُ والليلُ في أعماقهِ وهجٌ
«يا أيها السرُّ.. هل لي للهُدى قَدَرُ؟»
ناديتُ: موعدُنا ألا نُهادِنَهم
وأن يُقَامَ على أشلائنا الأثَرُ
تَجثو السكينةُ، والأطلالُ شاهدةٌ
كأنّ في الطينِ والأنفاسِ مُسْتَتَرُ
سجّادُ، وانفطرتْ منكَ الجوانحُ، في
عَضِّ القيودِ، وفيكَ الصبرُ مُنتَصِرُ
قال: اصبروا، فالهوانُ اليومَ في ألمٍ
لكنْ على نورهِ الإيمانُ يَفتَخِرُ
أنا الحزينُ، ولكنْ في دَمِي وطنٌ
كم غربةٍ ولها من مَوْطِنٍ سُوَرُ!
إنّي ظِلالُ فداءٍ لا يزولُ صدىً
مِن دونِهِ يَسقُطُ المعنى ويَحتَضِرُ
حُسينُ باقٍ، وإن غابتْ ملامحُنا
يبقى السؤالُ: وهل للنورِ مُعتَذَرُ؟