آخر تحديث: 29 / 7 / 2025م - 3:19 م

التدبر في القرآن في إطاره العام…اطلالة على كتاب الوجيز في التعريف بالكتاب العزيز

الشيخ حبيب آل جميع *

• عرض: حبيب آل جميع
• الكتاب: الوجيز في التعريف بالكتاب العزيز
• الكاتب: الشيخ صالح آل شهاب
• الناشر: دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
• سنة النشر: ط 1 - 1447 هـ - 2025 م
• عدد الصفحات: 488 صفحة، قياس «1724 سم»

يغفل كثير من القرّاء عما عالجه الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم، وعدم الالتفات إليه يحرم القارئ للقرآن الكريم من معرفة ذلك التّرابط والتّعاضد بين سوره وآياته فلا يلتفت إلى أنّ تعدد مظاهره المتمثّل في سوره وآياته ومناسبات النّزول... إلخ لا يدلّ على اختلاف في بنيته وأسسه؛ فهي تصدر عن مرجع واحد تعود إليه جذورها، وهو الله سبحانه وتعالى. وما تَعددُ ثمارِه وألوانها وفوائدها... إلا تلبية لاختلاف حاجات الإنسان وأسئلته، وللأخذ بيده صعودًا في مدارج كماله بعيدًا عن جاذبية الجاهلية بألوانها وزخارفها الساحرة التي تأخذه إلى عوالمها السّفليّة البعيدة عن نفسه وعالمها الرّوحي.

والكتاب الذي بين يديك - أيّها القارئ الكريم - يحمل في ثناياه فكرة التّعريف بسور القرآن الكريم كمشروع تنطلق من محاولة هندسة الخريطة الذهنية لفهم القرآن الكريم، فهي عناوين معرّفة للسّور القرآنية الكريمة، إذ لا يخفى أنّ إعطاء صورة عامّة أو لمحة موجزة تساعد في التَّهيئة السَّليمة لقراءة صحيحة وواعية لكتاب اللَّه العزيز.

وما قام به سماحة الشيخ صالح آل شهاب محاولةٌ لبيان وجوه السّور القرآنيّة من خلال معرفة ما له دخل في فهمها، ويعطي مَسْحة معرفيّة شبه شاملة لأساسيّات لا غنى عنها، وهي تركّز وتسلّط الضّوء على معرفة وايضاح ما يلي:

1 - كون السُّورة مكيّة أو مدنية.

2 - موقعها من النّزول، وموقعها من المصحف المرتّب.

3 - في أيّ سنةٍ نزلت، وما هي ظروفها.

4 - اسم السُّورة الشَّريفة وربطه بمحورها.

5 - إطلالة على الموضوعات التي تدور حول المحور الأساس للسّورة الشَّريفة.

6 - الملاحظات أو الدّروس التي يمكن أن تستفاد من ثنايا السُّورة بشكلٍ مجمل.

7 - ارتباط السُّورة بما قبلها؛ فهي عادة تبدأ في التَّرتيب بما انتهت منه سابقتها.

مع ملاحظة أن سير البحث سيبدأ كما هو المصحف المرتّب من سورة الفاتحة إلى سورة النّاس.

وإن أردت بيان معاني الآيات الكريمة أو الكشف عن مقاصدها ومداليلها أو ما يمكن أن يستفاد منها فعليك بالرّجوع إلى كتب التَّفاسير، فإنّها خير معين على فهم ومعرفة ذلك إن شاء اللَّه تعالى.

كما تطرق إلى أنّ مُستهلّ السُّورة فيه أصل المحور، وأصول الموضوعات التي تدور حول ذلك المحور، وهذا النّسق في عامّة السّور الطّوال والمئين والطَّواسين والحوامين والمفصّل وحتى قصار السّور، وهو نظام شبكي تجد في خلاله عطفًا وثنيًا وتنظيرًا وتطبيقات وأمثلة للمفاهيم، فلا تكاد السّور تذكر أنموذجًا للخير إلّا وتعطف عليه أخرًا للشرّ، أو العكس، وتذكر أمثالاً توضيحيةً للفكرة القرآنية والمفهوم الذي ترمي لإيصاله للمتلقي ببيانٍ جليّ وعبارات واضحة ميسَّرة وكلماتٍ منتقاة، ثُمّ تجد في ختام السُّورة ما يلخّص لك أصول الموضوعات، وتشير إلى المحور، فابحث عنها في كلمات المنتهى، كما أنك تجد رابطًا لطيفًا بين مبتدأ السُّورة اللاحقة وختام السُّورة السَّابقة، وهذا النظام الشبكي لم يكن اتفاقًا في سبك آيات السّور الشَّريفة وترتيبها، بل هو إحكام وتفصيل يُيسّرُ عليك التَّدبّر في القرآن الكريم، فلا تغفل عنه وأنت تقرأ كتاب اللَّه العزيز، ولتكن قراءتك عن وعي وبصيرة، وليكن تركيزك على فهم الرِّسالة التي تريد السُّورة إيصالها إلى المتلقّي، ومن ذلك ما تلحظه في قصار السّور وهي في أغلبها سور مكيّة تمحورت حول أربع كلمات وهي: اللَّه، الإنسان، الكون أو الطّبيعة والإيمان، وهذه الكلمات يمكن أن تمثّل جملة تبيّن لك رسالة القرآن ملخّصة في عبارة محورية في كلّ سور القرآن الكريم، وهي عبارة «إيمان الإنسان باللَّه خالق الكون والطّبيعة»، وهذه الرِّسالة ترتكز على توحيد اللَّه تعالى في الألوهية والرّبوبية، وهذه الرّكيزة هي رسالة الأنبياء والمرسلين ، وهي مرتكز كلّ المعارف القرآنية.

في الأخير نصح المؤلف سماحة الشيخ آل شهاب القارئ أن يحاول جادًا عند قراءته كتابَ اللَّه العزيز أن يستنطق الآيات، ليعرف الأصول القرآنيّة، والآيات التي تمثّل الأمّ والمرجع الذي تعتمد عليه الآيات الأخرى، واستكشاف السُّنن الإلهية في البشر والطّبيعة، والأنظمة التي أشار إليها القرآن التي تمسّ حياة الإنسان في اجتماعه ونفسه وإدارته ومعيشته ومعاشه ومعاده، فكلّ ذلك يفتح له آفاقًا لا نهاية لها ولا غاية لأمدها، وسيظهر له في كلّ مرة جديدٌ لا يبلى، ومعارفُ لا تفنى، ودقائق لا تنفذ، فلاحظ وتأمل وتدبّر وتفكّر وتعقّل وتذكّر فإنَّ الذكرى تنفع المؤمنين

رئيس تحرير مجلة الساحل