كيف أصنع سيرتي الحسنة من وحي كربلاء؟
سؤال عميق قد يبدو صعبًا على الكثير منّا، لكنّه يُظهر رغبة في الربط بين السيرة الذاتية الأخلاقية والقدوة الروحية، فواقعة كربلاء تمثّل مدرسة كبرى للقيم والمبادئ والأخلاق، ويمكن لكل فرد أن يصنع سيرته الحسنة في الحياة من خلال الاقتداء بها وتطبيق دروسها عملياً.
لا شك أنّ أغلب المستمعين حضر ما لا يقل عن ثلاثين مجلسًا حسينيًّا أو محاضرة خلال العشرة الأيام الأولى من المحرم، ما يزيد عن عشرين ساعة تدريبية، على أقل تقدير، حيث غرف الكثير من القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية والدروس الاجتماعية، وهنا علينا أن نسأل؛ كيف نصنع سيرتنا الحسنة من وحي كربلاء؟
هناك عدة نقاط تحتاج منك إلى عمل صادق وكبير…
• حدد موقفك من الحق والباطل: لقد حدد الإمام الحسين موقفه بوضوح عندما قال: ”إني لم أخرج أشرًا ولا بطراً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي“، وعليك أن تكن صاحب موقف واضح، لا تكن محايداً أمام الظلم أو الفساد وإن كان من الأقربين.
• اجعل المبادئ فوق المصالح: عليك أن تؤمن إيمانًا يقينًا بعدالة القضية الحسينية لا قولًا فقط، بل عملًا، فأصحاب الإمام الحسين تركوا المال، والأمان، وحتى الحياة لأنهم آمنوا بعدالة القضية، فلا تساوم على القيم في سبيل الربح أو المنصب أو المديح.
• تحمّل المسؤولية بوعي: إصلاح الذات وحمل المسؤولية بوعي، فالإمام الحسين لم يترك الأمة تنهار أمام انحراف يزيد، بل تحمّل مسؤولية الإصلاح حتى الشهادة، كن مسؤولاً في بيتك، وعملك، ومجتمعك. لا تنتظر الآخرين ليصلحوا الأمور، بل كن مبادرًا في الإصلاح كلّما تطلّب ذلك.
• احترام الإنسان وكرامته: الاحترام سمة الصالحين، ففي كربلاء، لم يكن القتال فقط بالسيوف، بل كان في كيفية احترام الإمام الحسين لأعدائه وحتى لخصومه فلم يبدأهم بقتال ولم يمنع الماء عنهم رغم موقفهم المخالف والمعادي. عامل الناس بكرامة حتى لو اختلفوا معك في الفكر أو الدين.
• الصدق والوفاء: لقد كشفت واقعة كربلاء الصادقين من المدّعين، فكان الوفاء من أبرز سمات أصحاب الإمام الحسين ، فكن صادقًا مع نفسك ومع الناس جميعًا، وكن وفيًا في وعودك وعلاقاتك.
• صناعة الأثر لا العدد: كلّنا يعلم أنّ الإمام الحسين لم يكن يملك جيشًا جرارًا، بل أصحابًا بقلوبٍ صادقةٍ حملوها على الأكف. فلا تهتم بعدد المتابعين أو المعجبين، بل اسعَ لتأثيرك في مَنْ حولك لتجعل دائرة تأثيرك أكبر من اهتماماتك.
• استعد للموت بكرامة: إنّ أكبر وأوضح درس في كربلاء أنّها تذكّرنا بأن النهاية قادمة، ولكن المهم كيف نصل إليها. فاعمل ليكون ختام حياتك مشرفًا، مليئًا بالعطاء لا بالندم والحسرة.
إعلم أنّ السيرة الحسنة هي تلك التي تُصنع بالمواقف والعمل، لا بالكلام ولقلقة اللسان. الاقتداءً بالإمام الحسين ، أن تجعل حياتك صرخة بوجه الظلم، ونموذجًا في الإحسان، والوعي، والكرامة.
كن عبدًا لله، يسعى إلى أن يكون حسينياً في الموقف، لا في الانتساب فقط. كن إنسانًا حرًّا، لا يقبل الذل ولا يساوم على القيم، هدفك الإصلاح، لا الانتصار، والصدق، لا الشهرة، ورسالتك أن تعيش كما علّمك الإمام الحسين ؛ ”ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين، بين السّلة والذلة، وهيهات منا الذلة“. لتكن قيمك العدل، الصدق، الوفاء، الرحمة والوعي.