آخر تحديث: 31 / 7 / 2025م - 3:51 م

أثر اختبارات القدرات والتحصيلي على الثقة في التعليم المدرسي

الدكتور هاني آل غزوي *

تُعد اختبارات ”القدرات العامة“ و”التحصيل الدراسي“ من الأدوات الأساسية التي تعتمدها الجامعات لتقييم مستوى الطلاب المتقدمين للمرحلة الجامعية، خصوصًا في المملكة العربية السعودية. ومع تزايد الاعتماد على هذه الاختبارات، تزايدت التساؤلات حول مدى انعكاسها على ثقة المجتمع في التعليم المدرسي، وإلى أي مدى تسهم في تعزيز أو تقويض مكانة المدرسة كمصدر رئيسي لبناء الكفاءة الأكاديمية للطلاب.

أولًا: ماهية الاختبارات وأهدافها

- اختبار القدرات العامة: يهدف إلى قياس القدرات العقلية مثل التحليل والاستنتاج والقياس الكمي واللفظي، بغض النظر عن المناهج الدراسية المحددة.

- اختبار التحصيلي: يُركّز على قياس مدى استيعاب الطالب للمقررات الدراسية في المرحلة الثانوية، لا سيما في المواد العلمية.

ثانيًا: مبررات الاعتماد على الاختبارات

- تحقيق العدالة الأكاديمية: تُستخدم هذه الاختبارات كوسيلة لتجاوز التفاوت في جودة التعليم بين المدارس.

- التنبؤ بالنجاح الجامعي: تشير بعض الدراسات إلى ارتباط نتائج هذه الاختبارات بأداء الطالب المستقبلي في الجامعة.

- الكشف عن الكفاءات الكامنة: تمنح الفرصة للطلاب الذين لم يحصلوا على درجات مدرسية مرتفعة لإثبات قدراتهم الأكاديمية.

ثالثًا: مظاهر ضعف الثقة في التعليم المدرسي

- تراجع دور التقييم المدرسي: اعتبار القبول الجامعي مرهونًا بشكل أساسي بنتائج الاختبارات الموحدة يقلل من قيمة التحصيل داخل المدرسة.

- إضعاف الحضور التربوي للمعلم: يتجه كثير من الطلاب إلى الدروس الخصوصية ومراكز التدريب، ما يؤثر على العلاقة التعليمية داخل الصف.

- فجوة بين المحتوى والتقويم: يرى العديد من المهتمين أن محتوى اختبارات القدرات لا يعكس بصورة مباشرة ما يُدرس داخل الصفوف المدرسية.

رابعًا: التأثيرات النفسية والاجتماعية

- الضغوط النفسية العالية الناتجة عن اعتماد مستقبل الطالب الجامعي على نتائج اختبار محدود الزمن.

- تكاليف مالية إضافية تتحملها الأسرة لتوفير التدريب اللازم خارج إطار المدرسة.

- تآكل الدافعية للتعلم المدرسي نتيجة شعور الطلاب بعدم ارتباط الأداء المدرسي بفرص القبول الجامعي.

خامسًا: نحو إعادة التوازن والثقة

- إعادة تصميم المناهج المدرسية لتتناسب مع مهارات التفكير النقدي والاستدلالي.

- دمج التقييم المدرسي والاختبارات المعيارية في معادلة القبول الجامعي بشكل متوازن.

- تطوير أدوات التقييم داخل المدرسة لتكتسب مزيدًا من المصداقية لدى الطلاب والجامعات على حدٍ سواء.

تشير النتائج إلى أن الإشكالية ليس في وجود أدوات القياس مثل اختبار القدرات والتحصيلي، بل تكمن في كيفية مواءمتها مع دور المدرسة ورسالتها التعليمية. ومن هنا، فإن بناء علاقة تكاملية بين التعليم المدرسي والتقويم الموحد يمثل حجر الأساس في إعادة بناء الثقة في منظومة التعليم وتحقيق العدالة الأكاديمية والفرص المتساوية للطلاب.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 4
1
بتول سلمان
[ سيهات ]: 30 / 6 / 2025م - 2:06 م
أنا كطالبة خضت تجربة القدرات والتحصيلي أقولها بصراحة: حسيت المدرسة ما لها قيمة حقيقية. ما أقيس قدراتي هناك بس في اختبار لا يشبه مناهجنا!
2
فؤاد حسن
[ العوامية ]: 30 / 6 / 2025م - 3:36 م
تساؤل مهم طرحه المقال: هل المدرسة مجرد مكان للدرجات أو فضاء لصناعة التفكير؟ إذا ظل الاختبار الموحد هو المعيار الأوحد فالجواب محبط للأسف.
3
صادق
[ الجارودية ]: 30 / 6 / 2025م - 4:50 م
تحديد الفجوة بين محتوى الصفوف ومهارات الاختبارات أمر دقيق. الحل ليس بإلغاء أحدهما بل بردم الهوة بينهما تربويا ومنهجيا.
4
حسن المعاتيق
30 / 6 / 2025م - 7:02 م
كلام د هاني عن العدالة الأكاديمية يعيدنا للسؤال الكبير: هل نريد جامعة نخبوية أم جامعة تراعي الفروقات وتحتضن التنوع؟ التقييم الموحد لا يكفي.