الشيخ القطري: لا حجية للرؤى دون تحققها.. ولا علم يُبنى على الأحلام
شدّد الشيخ أحمد القطري على أن الرؤى، مهما بلغت في صدقها أو عمقها الروحي، لا يمكن اعتبارها حجة أو علمًا معتمدًا ما لم تُصدقها الوقائع، مؤكدًا أن العلوم تُبنى على معايير عقلية وتراكم معرفي واقعي، لا على الأحلام أو الانطباعات الشخصية.
جاء ذلك خلال محاضرته التي ألقاها اليوم الثاني من شهر محرّم في مسجد أبو عزيز بجزيرة تاروت، بحضور عدد من الأهالي والمهتمين بالشأن الفكري والديني.
تناول الشيخ القطري فيها موضوع الإدراك والمعرفة من زاويتين: الحسية والإلهامية، وربط بين الحواس الظاهرة والبصيرة الإيمانية التي تميّز المؤمن عن غيره.
وأوضح أن الإنسان يولد على الفطرة دون علم مكتسب، لكنه يحمل غرائز طبيعية ويُزود بأدوات الإدراك الأساسية، وهي الحواس، التي تمثل النوافذ التي تُدخل الصور والمعاني إلى الدماغ، حيث تجري عملية التحليل والتفسير والتفاعل معها.
وأضاف أن أي فقد في هذه الحواس يؤدي إلى فقد جزء من القدرة المعرفية، وليس مجرد فقد وظيفي.
وأشار إلى أن الفلاسفة منذ العصور القديمة أكدوا على الدور الجوهري للحواس في بناء الوعي الإنساني.
وشدد في الوقت نفسه على أن الإدراك الحق لا يكتمل إلا بوجود ما وصفه بـ ”التسديد الإلهي“، الذي يمنح المؤمن قدرة أعمق على إدراك الحقائق، خارج نطاق الحواس المجردة.
وفي سياق متصل، تطرق الشيخ القطري إلى مسألة الرؤى، معتبرًا أنها قد تكون أحيانًا وسيلة معرفية أو رسالة ربانية تحمل بشارة أو إنذارًا، لكنها تظل في إطار الاحتمال ولا تكتسب صفة العلم أو الحجة إلا في حال تحققها في الواقع.
وأكد أن بعض العلماء اشتهروا برؤاهم الصادقة التي تحققت لاحقًا، غير أن ذلك لا يمنح الرؤى عمومًا صفة الاعتماد المعرفي أو الشرعي.
وقال إن ”الرؤية التي لا تتحقق تبقى في حيز التوقع أو الإلهام، لكنها لا تُعامل كعلم يُبنى عليه أو كدليل يُحتكم إليه“، مشددًا على أن الاعتداد الحقيقي إنما يكون بالواقع وصدقه، لا بما يراه الإنسان في منامه.
وبيّن أن رؤى الأنبياء والأئمة تُعد استثناءً، إذ إنها ترتبط بعصمة قائلها ومكانته الإلهية، وتُعامل كجزء من الوحي أو الهداية، مستشهدًا برؤية الإمام الحسين 
لجده النبي ﷺ، والتي كانت جزءًا من مسيرته نحو كربلاء.
