آخر تحديث: 14 / 6 / 2025م - 3:30 م

أستطيع.. حين تتحول الكلمة إلى حياة

محمد يوسف آل مال الله *

في لحظة صمت وهدوء النفس، وسط ضجيج التحديات والمخاوف، يحتدم الصراع داخل دماغك بين الأنظمة العصبية فينبثق القرار بصوت داخلي يقول: ”أنا أستطيع“.

قد تبدو كلمتان بسيطتان، لكنهما قادرتان على تحريك جبال اليأس وإشعال فتيل الشغف، وإعادة رسم خارطة الحياة لك. فهاتان الكلمتان بحاجة إلى تكرار بشكلٍ يومي بينك وبين نفسك، حيث يعيش كلّ منّا ظروفًا تتمايز بين الراحة والتعب، وبين السعادة والحزن، وبين حسن الظن وخيبة الأمل، وكلّ هذه الحالات بحاجة إلى جلسة حوار مع النفس، وحلحلة ملابساتها، والوصول بالذات إلى برّ الأمان ومرفأ السلام.

إيمانك بنفسك وبقدراتك، ومعرفة أنّ الحياة ليست سهلة، والتحديات كثيرة وكبيرة، وأنك لست ضعيفًا بطبيعتك، فإنك تقوى بما تؤمن به. فعندما تقول ”أنا أستطيع“، فأنت لا تتجاهل العقبات ولا تتهرّب من التحديات، بل تعلن قدرتك على مواجهتها، خطوة بخطوة، بثبات وعزيمة.

هناك فرق كبير بينك حينما تقول ”أنا أستطيع“، وبين من لا يقولها. إذ إنك سوف ترى أنّ كل مشكلة فرصة لك، تبحث عن الحلول بدلًا من الأعذار، وتجد نفسك توّاقًا للعمل بشغف كبير، وإن كان هناك خوف وتعب، على عكس من لا يقولها، فهؤلاء يتوقّفون عند أول عقبة تواجههم، ويهربون من التحديات، ويبرّرون فشلهم، على الرغم من أنّهم يرون الآخرين ينجحون ويتقدّمون.

عندما تقول ”أنا أستطيع“، فأنت تُلزم نفسك بالسعي، وتعلن التحدي أمام كلّ ما يحاول إحباطك، ويحول بينك وبين مرامك. بل تُشعل النور الذي في داخلك لتنبثق منه ومضات التغيير، مهما حاول الآخرون إطفاءه وإخماده.

بالطبع، ستواجه الكثير من التحديات، منها - على سبيل المثال لا الحصر - شكوك الآخرين، فالناس يشكّكون غالبًا فيما لا يستطيعون فعله أو القيام به، فلا تسمع لهم، ولا تسمح لأصواتهم بالولوج إلى أعماقك، فيُفسدون عليك الانطلاقة، ويعرقلون عليك الطريق، بل كن أنت. كذلك الخوف من الفشل، إنّه مجرد خطوة إلى الأمام وفي طريق النجاح. الأمر الآخر من التحديات هو التعب والإرهاق العقلي والنفسي، وهذا لا يتطلّب أكثر من أخذ راحة، ولكن إياك أن تتوقّف. اجلس مع نفسك وصارحها بما تشعر.

الجلوس مع النفس ليس بالضرورة أن يكون الطرفان أنت، بل هناك طريق آخر للوصول إلى ذاتك وأعماقك، وذلك من خلال جلسات الكوتشينج. فالكوتشينج، أو ما يُطلق عليه التوجيه أو التدريب الذاتي، هو رحلة لاكتشاف الممكن، وقد تحدّثنا عنه في مقالة سابقة بعنوان (الكوتشينج ”Coaching“ رحلة اكتشاف الممكن) https://jehat.net/124121 وبيّنا فيها العديد من الاستراتيجيات الخاصة به.

هذه الرحلة يكون قائدها أنت، ومعاونك الكوتش ”الموجّه/المدرب“، الذي يحرص على توجيه العديد من الأسئلة لك، والتي يُعدّها في اللحظة خلال الرحلة، وتكون مرتبطة بالرحلة ذاتها، حتى تساعدك على اكتشاف الطرق بنفسك لتسلكها بقناعة، وهنا تبدأ رحلة ”أنا أستطيع“.

قد تكون الإجابات على تلك الأسئلة محيّرة وصعبة، ولكن عليك أن تُدرك بأنّ الحصول على الأهداف التي تروم إليها، وتحقيقها، لا يأتي من الكوتشينج الآمن أو الروتيني، أو حتى التفكير السائد.

كلّنا يحتاج إلى مثل تلك الجلسات مع الذات، والتعرّف على ما يكتنز بداخلنا، والبحث عن مكامن قوّتنا وضعفنا، حتى نستطيع الوصول خلال رحلتنا إلى ما نبحث عنه. كما أنّ عقد مثل هذه الجلسات يتيح لك الكثير من الفرص التي تغيب عن ذهنك، فربّما تكون مدفونة في أعماقك، وقد أوصدت عليها الأبواب، وقيّدتها بالأصفاد دون أن تشعر.

”أنا أستطيع“ تساعدك على الوصول إلى مرامك، وما عليك إلا أن…

أولًا: تتعرّف على ذاتك، وحين تصل بك الحال إلى طرقٍ موصدة، فاعلم أنك بحاجة إلى المساعدة.

ثانيًا: تقتنع وتقبل بأنك تعيش حالة ما بحاجة ماسة إلى حلول، وهذا اعتراف صريح وتسليم.

ثالثًا: تبدأ عملية البحث عن المساعدة ”الكوتش“ عن طريق استخدام أدوات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.

رابعًا: تبادر في عقد جلستك الأولى مع الكوتش، وابدأ رحلتك للمساعدة، وهذه الخطوة الأولى لتفعيل ”أنا أستطيع“.

في حال قررت عقد الجلسة مع كوتش لاكتشاف الممكن، لا تدع الظروف تحول بينك وبين مبتغاك، احضر، وكلّك رجاءٌ أن تصل إلى مبتغاك، فأنت تستطيع أن تتجاوز كلّ الظروف وتتحدّى كلّ الصعاب.

”أنا أستطيع“ هي بداية كلّ شيء: بداية مشروع، بداية تغيير، بداية حياة أفضل. لا تنتظر أن تصبح الظروف مثالية، ولا أن تختفي مخاوفك. ابدأ الآن، كما أنت، بما تملك، وبما تعرف.

فأنت تستطيع… دائمًا.