آخر تحديث: 14 / 6 / 2025م - 3:30 م

الحجيج ومفاعيل عودتهم المباركة

جمال حسن المطوع

ها قد أوشكت شعائر الحج العظيمة بكل تجلياتها وآثارها على الانتهاء، وبدأ الحجيج طريق عودتهم إلى ديارهم وأوطانهم بعد أن عاشوا أجواءً روحانيةً وعباديةً عند بيت الله الحرام، كما أمرهم المولى جل جلاله بقوله:

﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ [البقرة: 158]

وقد تطهرت قلوبهم ونفوسهم مما علق بها من غواية واتباع الهوى، متجاوزين زخارف الدنيا وبهرجها، كانوا رأس حربة في وجه شياطين الضلال، وأدّوا مناسكهم في أمن وأمان وطمأنينة وطاعة للرحمن، ملبين ومهللين، وقد تخلصت نفوسهم من كل غرور واستكبار، وذابوا عشقًا وهيامًا في ملكوت الخالق الجبار، وانتقلوا من عالم الشهوات إلى أسمى الغايات وأشرفها سموًا وأخلاقًا وعزة وكرامة.

أيها الحجاج الفضلاء، من هنا أكملوا المسيرة، وواصلوا طريق الهداية والنور، وتجنبوا المغريات والملذات وحب الشهوات، لتكونوا قدوة وأسوة لمن ضل عن السبيل، كي تنالوا الحسنيين: طاعة الله ورضا رسوله ﷺ، وقد حققتم ما تصبون إليه من حسنات ونِعَم ربانية لا حدود لها في الدنيا والآخرة، ونلتم ما تتمنون من مغانم الأجر والثواب، إضافة إلى الأعطيات الإلهية التي أشار إليها النبي محمد ﷺ بقوله: ”الحج ينفي الفقر“، وفي حديث آخر: ”حجوا تستغنوا“.

ورُوي عن الإمام الصادق قوله: ”ما رأيت شيئًا أسرع غنى ولا أنفى للفقر من إدمان حج بيت الله“.

فاستغلوا هذه المكرمات، وما يتبعها من رحمات ومغفرة وفضائل، وشجعوا إخوانكم من المؤمنين، الذين لم يحالفهم الحظ، أو قصّروا في أداء هذه الفريضة، على المبادرة بهذا الركن المقدس لمن استطاع إليه سبيلاً، فالفرص تمر مرّ السحاب، والأعمار بيد الله، وكما قال الإمام علي : ”الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود“.

فهنيئًا لكل حاج أدى هذه الفريضة، وفاز بالدارين: الدنيا والآخرة.