قادة التغيير
يقال إن سلطاناً أراد يوماً القيام برحلة برية طويلة، وعند عودته، وجد أن قدميه قد تورمتا بسبب المشي في الطرق الوعرة، فأصدر قراراً يقضي بتغطية جميع شوارع مدينته بالجلد، غير أن أحد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل وهو صنع قطعة من الجلد الصغير لتغطية أسفل قدميه، فكانت بداية فكرة صناعة الأحذية.
من القصة أعلاه يتضح لنا أهمية الاستشارة ودور المستشارين الذين يعتبرون جزءاً مهماً وحيوياً في عملية صنع القرار في أي مؤسسة أو منظومة. حيث يمكن أن يكونوا قادة التغيير وبإمكان أفكارهم واقتراحاتهم أن تغير ليس حياة الإنسان فقط، بل مجرى التاريخ في بعض الأحيان. قيل: «من أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل», وقيل أيضاً: «اضربوا الرأي بعضه ببعض يتولد منه الصواب».
التغيير سمة من سمات الحياة التي لا مفر منها، ومن قلب التغيير ينبثق قادة التغيير، المستشارون وأصحاب الأفكار الذكية، الذين يقودون المجتمعات والمؤسسات نحو مستقبل أفضل. هؤلاء القادة ليسوا مجرد أفراد عاديين، بل هم أشخاص يمتلكون القدرة على التأثير في الظروف والاتجاهات، وإقناع الآخرين وتحفيزهم على التغيير، ثم توجيههم نحو الإنجاز وتحقيق أهداف أكبر وأسمى.
إن المجتمعات والمؤسسات التي لا تتمكن من التكيف مع التغيرات السريعة قد تجد نفسها في وضع خطير وهش ومهدد. لذلك يأتي دور قادة التغيير في تعزيز قدرة هذه الكيانات على التأقلم والنمو في ظل بيئات معقدة ومتغيرة من خلال رؤية واضحة وتوفير الإلهام وخلق ثقافة من التغيير المستمر تكون القدرة على سرعة التكيف وتبني أفكار جديدة وتطبيقها عنصراً حاسماً فيها لضمان البقاء واستدامة النجاح والنمو.
ويختلف قادة التغيير كلٌّ حسب تفكيره، معتقداته، تربيته، والبيئة التي نشأ وترعرع فيها، فبينما هنالك من يفكر في حماية قدميه بحذاء، هنالك من يسعى إلى فرش الأرض بالكامل بالجلد لراحته وراحة الآخرين وتسهيل حياتهم. وقد تبدو فكرة فرش الأرض بالكامل مكلفة وغير منطقية وضارة للبيئة في نظر أحدهم، لكنها تبقى فكرة مبتكرة تقدم شيئاً جديداً للإنسان ولراحته. ويعتبر صاحب كل فكرة قائداً للتغيير، لكن الفرق يكمن في توجهات ذلك القائد وأولوياته، وطرقه في التعامل مع التحديات، ثم القدرات والإمكانيات المتاحة له.