كيف ستغير أدوات جوجل الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي عالمنا؟

كشفت شركة جوجل، خلال فعاليات مؤتمرها السنوي للمطورين I/O, عن حزمة واسعة من التحديثات والابتكارات التي ترتكز بشكل محوري على تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤذنةً بتحولات جذرية ستطال أدواتها الإعلانية، وتجربة التسوق عبر منصاتها، وآليات عمل محرك البحث الشهير، بالإضافة إلى طرح تقنيات رائدة في مجالات التواصل المرئي والترجمة اللحظية.
وفي طليعة هذه الإعلانات، برزت التطورات الكبيرة التي ستشهدها خدمة Google Shopping, حيث أعلنت الشركة عن تجربة تسوق جديدة كليًا من خلال تفعيل ”وضع الذكاء الاصطناعي“ ”AI Mode“.
وأوضحت جوجل أن هذا الوضع سيمكن المستخدمين من تصفح المنتجات والحصول على توصيات تتسم بدقة وسرعة غير مسبوقتين.
وكمثال على ذلك، يمكن للمستخدم إدخال طلب وصفي مثل ”حقيبة سفر أنيقة“، ليقوم النظام بعرض صور وخيارات تتناغم مع ذوقه الشخصي، مع إمكانية تخصيص النتائج بشكل أكبر، كأن يطلب المستخدم تعديل البحث ليشمل حقيبة مناسبة لرحلة إلى بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية خلال شهر مايو.
وهنا، يقوم النظام بإجراء عمليات بحث متزامنة لفهم متطلبات مثل هذه الرحلة، مع الأخذ في الاعتبار طول الرحلة واحتمالية الأجواء الممطرة، ليقدم بعد ذلك خيارات مقاومة للماء وعملية وسهلة الاستخدام.
وأكدت جوجل أن هذه التجربة الجديدة ستكون متاحة لمستخدمي وضع AI Mode في الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وأزاحت الشركة الستار عن ميزة مبتكرة أطلقت عليها اسم ”الشراء الذكي التلقائي“ ”Agentic Checkout“، والتي تمنح النظام القدرة على إتمام عملية شراء المنتج تلقائيًا نيابة عن المستخدم بمجرد انخفاض سعره إلى الحد الذي يكون قد حدده مسبقًا.
ويمكن للمستخدم أيضًا تحديد تفضيلات أخرى مثل اللون والمقاس، ليقوم النظام بإرسال إشعار عند توفر المنتج بالسعر المناسب، بل وتنفيذ الشراء بشكل آلي.
وضمن سعيها لتعزيز تجربة المنتج، أضافت جوجل أداة ”التجربة الافتراضية للملابس“، التي تتيح للمستخدم رؤية كيف سيبدو المنتج عليه شخصيًا من خلال استخدام صورة حقيقية له.
وذكرت الشركة أن هذه التقنية تستند إلى نموذج توليد صور متقدم متخصص في مجال الموضة، يتمتع بالقدرة على فهم تفاصيل الجسم البشري وكيفية تفاعل الأقمشة المختلفة مع القوام المتنوع، مما يوفر تجربة واقعية لمحاكاة ارتداء الملابس.
وفي مجال الترجمة والتواصل، أعلنت جوجل عن تحقيق تقدم لافت في منصة Google Meet, حيث أصبح بإمكانها الآن ترجمة المحادثات الصوتية في الوقت الحقيقي مع الحفاظ على نبرة الصوت الأصلية للمتحدث، وهو ما من شأنه تعزيز تجربة الاجتماعات متعددة اللغات بشكل كبير.
وكشفت الشركة أيضًا عن منصة جديدة تحمل اسم Google Beam, وهي عبارة عن نظام تواصل بالفيديو يعتمد كليًا على الذكاء الاصطناعي لتحويل بث الفيديو ثنائي الأبعاد إلى تجربة ثلاثية الأبعاد غامرة وواقعية.
وتعتمد هذه التقنية المتطورة على ست كاميرات تلتقط المشهد من زوايا متعددة، ليقوم الذكاء الاصطناعي بعد ذلك بدمج هذه اللقطات وعرضها على شاشة ضوئية ثلاثية الأبعاد، مع تحقيق دقة عالية في تتبع حركة الرأس تصل إلى مستوى المليمتر وبمعدل تحديث يبلغ 60 إطارًا في الثانية.
وأشارت جوجل إلى أنها تعاونت مع شركة HP لتطوير أولى أجهزة Google Beam, والتي من المتوقع طرحها لعملاء محددين في وقت لاحق من هذا العام.
أما بالنسبة لمحرك البحث، وضمن مشروعها الطموح Project Mariner, أطلقت جوجل تحديثات نوعية، حيث أصبح بإمكان المستخدمين الآن تفعيل وضع AI Mode داخل البحث للحصول على إجابات أكثر تعقيدًا وقدرة على استيعاب المهام المركبة.
ويمكن للمستخدمين توجيه أسئلة أطول وأكثر تفصيلاً إلى النظام، الذي سيقوم بدوره باستخدام خاصية ”البحث العميق“ ”Deep Search“. هذه الخاصية قادرة على تنفيذ مئات عمليات البحث وربط المعلومات المتفرقة من مصادر متنوعة لتكوين تقرير احترافي وموثق بالكامل في غضون دقائق، مما يوفر ساعات طويلة من العمل اليدوي.
وإضافة إلى ذلك، قدمت جوجل ميزة ”البحث متعدد الوسائط“ ”Multimodal Search“، التي تتيح للمستخدم استخدام كاميرا جهازه للتفاعل مع نتائج البحث صوتيًا ومرئيًا في الوقت الفعلي.
ولم تتوقف إعلانات جوجل عند هذا الحد، بل شملت تطويرات في نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها ليصبح قادرًا على قراءة وتحليل الملفات التي يرفعها المستخدم، بما في ذلك المحتوى المخزن في Google Drive وGmail, ومن ثم توليد تقارير مخصصة، وإنفوجرافيك، ومواد عرض تقديمي بشكل آلي.
وكشفت الشركة عن تحديثات مهمة لنموذج Imagen 4 المخصص لإنتاج الصور، ونموذج Veo 3 لإنتاج الفيديو، حيث أصبحا أكثر قدرة على إنتاج محتوى مرئي عالي الجودة والدقة.
وأعلنت عن أداة جديدة أطلقت عليها اسم ”Flow“، والتي يمكنها إنتاج أفلام كاملة بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، وباستخدام أدوات جوجل المختلفة للصور والفيديو.
وضمن رؤيتها للمشاريع المستقبلية، أعلنت جوجل أنها تعمل على تطوير شخصيات رقمية افتراضية ”Avatars“ يمكن استخدامها في عروض التسوق والبث المباشر الرقمي، مما يفتح آفاقًا جديدة في تجربة التسوق الإلكتروني.
وكشفت عن تعاونها مع شركتي Gentle Monster وWarby Parker لتطوير نظارات ذكية تعتمد على تقنية الواقع المعزز ”AR Glasses“، بهدف المنافسة بقوة في سوق الأجهزة القابلة للارتداء المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ومن المتوقع أن تحدث كل هذه التحديثات والابتكارات نقلة نوعية في كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في تجربة المستخدم عبر مختلف خدمات جوجل.
ويفرض هذا التطور المتسارع على المسوقين والمعلنين وصناع المحتوى ضرورة إعادة النظر في استراتيجياتهم للاستفادة المثلى من هذه الأدوات والتقنيات الجديدة، بهدف تحسين ظهورهم وانتشارهم، والوصول إلى المستهلكين بطرق أكثر تخصيصًا وفعالية من أي وقت مضى.