كيف يساعد العلاج الطبيعي مرضى التصلب المتعدد؟ خبير يجيب

أكد أخصائي العلاج الطبيعي طراد الشريف أن العلاج الطبيعي يمثل ركيزة أساسية وجزءًا لا يتجزأ من خطة الرعاية الشاملة لمرضى التصلب المتعدد ”MS“، موضحاً أن دوره الحيوي لا يقل أهمية عن العلاج الدوائي، بل يتكامل معه بشكل وثيق بهدف تحسين جودة حياة المرضى وتمكينهم من مواجهة تحديات المرض وتقلباته بثبات وظيفي وبدني أفضل.
وأوضح الشريف الفارق الجوهري بين النهجين العلاجيين، مشيراً إلى أن العلاج الدوائي يستهدف في المقام الأول كبح جماح تطور المرض وتقليل حدة وتواتر النوبات، وذلك عبر أدوية تعمل على تعديل نشاط الجهاز المناعي أو معالجة الأعراض المصاحبة كالألم والتشنجات.
وفي المقابل، يتعامل العلاج الطبيعي بشكل مباشر مع الآثار الجانبية المترتبة على النوبات، ويعمل على إعادة تأهيل المصاب وتقوية بنيته الجسدية خلال فترات الاستقرار، مما يحسن من وظائفه الحركية وتوازنه وقدرته العضلية، ويقلل من تأثير الهجمات المستقبلية.
وأضاف أن دور العلاج الطبيعي لا يقتصر على ”رد الفعل“ بعد الهجمة، بل يمتد ليشمل الجانب الوقائي عبر تعزيز اللياقة العامة للجسم وتحسين المرونة العضلية والعصبية، وهو ما يعين المريض على مقاومة التدهور البدني.
وأشار إلى أن هذا المجال العلاجي يضم تخصصات عدة كعلاج الأعصاب والمفاصل، وكلها تسعى لاستعادة القدرة الوظيفية وتقليل الألم.
وشدد الشريف على أن ممارسة الرياضة المنتظمة تمثل حجر الزاوية في الخطة الوقائية والعلاجية لمضاعفات التصلب المتعدد، مؤكداً أنها يجب أن تُدمج كبرنامج يومي لا يقل أهمية عن الالتزام بالأدوية.
وقال إن ”الرياضة ليست رفاهية لمريض التصلب المتعدد، بل ضرورة لتحسين وظائف القلب والتنفس، والمزاج، والنوم، وحتى عملية الهضم“. ونصح بممارسة التمارين الهوائية وتمارين تقوية العضلات بمعدل أربع إلى خمس مرات أسبوعيًا.
ولفت إلى أن الدراسات العلمية أثبتت دورها الفعال في خفض معدل الهجمات وتقليل شدتها، مع التأكيد على أهمية أن تتم هذه التمارين تحت إشراف متخصص لتكييفها مع الحالة الصحية الخاصة بكل مريض.
وسلّط أخصائي العلاج الطبيعي الضوء على أهمية التمارين العلاجية في مساعدة المريض على استيعاب وفهم التغيرات التي قد تطرأ على جسده بعد كل نوبة، خاصة فيما يتعلق بالتوازن أو تناغم العضلات والأعصاب، وهي حالات قد تؤثر على المهارات الحركية الدقيقة كالإمساك بالأشياء، أو الحركات الكبرى كصعود الدرج.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي خلال فترات هدوء المرض هو تقوية العضلات وبناء لياقة بدنية كافية لمواجهة أي تدهور مستقبلي محتمل بأقل الأضرار الممكنة.
وأوصى الشريف بضرورة إجراء تقييم عضلي ووظيفي دوري للمرضى، يشمل فحص التوازن وسرعة الحركة وقوة الأطراف، حتى في غياب الأعراض الظاهرية، مشيرا إلى ان الكثيرين قد لا يلاحظون التدهور إلا بعد تفاقم المشكلة.
وبين أن بعض المرضى قد يحتاجون لتوجيه أولي بينما يحتاج آخرون لخطة علاجية تمتد من 6 إلى 12 جلسة.
وفيما يتعلق بالتمارين المنزلية، أوصى الشريف بمجموعة من التمارين البسيطة والفعالة مثل تمرين ”السكوات“ لتحسين التوازن وتنشيط عضلات الفخذ والمقعدة، مع البدء بأساليب مساعدة كاستخدام الجدار أو الكرسي لتحقيق الثبات، ثم التدرج في الصعوبة. كما أشار إلى إمكانية أداء تمارين أخرى في المنزل كرفع الكعب وتمرين ”الجسر“ لعضلات الظهر والمقعدة.
وحول الاعتقاد الخاطئ بأن جهاز المشي الكهربائي يسبب خشونة المفاصل، فنّد الشريف هذا الادعاء، موضحًا أنه آمن تمامًا إذا ما استُخدم ضمن برنامج تقوية عضلية شامل وبإشراف متخصص.
وشدد على أهمية تهيئة بيئة تمرين آمنة في المنزل، خالية من العوائق، لتفادي أي حوادث سقوط، خاصة عند أداء تمارين التوازن المتقدمة كالوقوف على قدم واحدة أو إغلاق العينين لزيادة التحدي.
وقدم مجموعة من ”القواعد الذهبية“ لممارسة الرياضة بشكل فعال وآمن لمرضى التصلب المتعدد، تضمنت عدم إجهاد النفس حتى الإرهاق، والتنبيه إلى أن استمرار التعب لأكثر من ساعتين بعد التمرين يعني أن الجهد كان مفرطًا.
وأكد على أهمية أخذ فترات راحة كافية بين التمارين تتراوح بين دقيقتين وأربع دقائق، والتدرج في شدة التمارين دون البدء بتمارين ثقيلة، وضرورة التهيئة قبل التمرين والتبريد بعده، بالإضافة إلى الاهتمام بشرب الماء والنوم الكافي والتغذية الجيدة كعناصر مكملة لا تقل أهمية.
وجدد التأكيد على أن العلاج الطبيعي ليس مجرد خيار تكميلي، بل هو ضرورة استراتيجية في رحلة مواجهة مرض التصلب المتعدد، داعياً المرضى إلى الحرص على استشارة مختصي العلاج الطبيعي بشكل دوري، ودمج الرياضة كجزء أساسي من نمط حياتهم اليومي لما لذلك من أثر عميق في تحسين جودة حياتهم، وتقليل الاعتماد على الأدوية، وزيادة الاستقلالية في الأداء اليومي.