آخر تحديث: 8 / 5 / 2025م - 5:45 م

الشيخ عيسى الحباره عطاء لا ينتهي وأثر خالد

حسين الدخيل *

الشيخ عيسى الحباره رحمه الله. سبحان الله، هذا الشيخ الذي حصد قلوب الناس بمحبتهم إياه، فقدوا شخصًا عظيمًا.

بخلقه وعلمه وتواضعه وأسلوبه السلس الجميل في الطرح وتوصيل الفكرة للمستمع، وخاصة فئة الشباب، وامتاز الشيخ برسالته المتميزة في الإرشاد والتوجيه الديني، خلق مناخ حب وود وكسب قلوب من حوله، وكل من استمع لمحاضراته وخطبه الشيقة الجميلة المفيدة.

وأنا من متابعي ومحبي هذا الشيخ الجليل، وأحب أن أسمع كلامه وخطبه، فيها العبرة والعظة والنصح والإرشاد والتوجيه والتربية والتوعية، وإذا ظهر لي أي مقطع له في تيك توك أو سناب شات أو واتساب أو أي جهة من جهات التواصل الاجتماعي، لا بد أن أتوقف وأستمع لما يقول من كلام فيه نصيحة وتوجيه، فهو مدرسة علمية متنوعة تحمل العلم والفكر والمعرفة.

فقدناه برحيله

وقد تطرق الأخ سلمان العنكي «أبوعلي» في مقال جميل له قبل 25 يومًا تقريبًا، نُشر في صحيفة جهات الإخبارية بعنوان: ”خمسًا سمعناها، فعلينا تجنبها“.

وهي صفات ذميمة تطرق لها الشيخ عيسى الحباره في مقطع جميل له، وهي:

1- الانفعال «الغضب، العدوانية»
2- التدخل في خصوصيات الآخرين
3- الإنجازات والأفعال والعجب
4- السلبيات وكثرة اللوم
5- لا تكن نتن الرائحة

كان مقالًا جميلًا للأخ سلمان العنكي «أبوعلي»، الله يعطيه الصحة والعافية، وكان فيه تفصيلًا مختصرًا لكل صفة.

وسوف نأخذ موجزًا عن حياة الشيخ الجليل المرحوم عيسى الحباره بشكل سريع ومختصر.

وُلد الشيخ عيسى بن علي الحباره في بلدة الفضول بالأحساء، حيث نشأ وتربى في كنف أسرة دينية محافظة، فغُرس فيه حب العلم والدين. تلقى دراسته الحوزوية في مدينة قم المقدسة، حيث نهل من منابع العلم والمعرفة، ثم عاد إلى وطنه ليخدم مجتمعه في مجال الخطابة والإرشاد الديني.

مسيرته العلمية والدينية

بعد إتمام دراسته الثانوية، التحق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وبعد الجامعة تفرغ للعلم الديني فالتحق بالحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، حيث نهل من منابع العلم والمعرفة على يد كبار العلماء.

كان الشيخ الحباره خطيبًا حسينيًا متميزًا، عُرف بأسلوبه السلس والشيق الذي جذب إليه قلوب المستمعين. تميزت محاضراته بالعمق الفكري والروحانية، حيث كان يربط بين الأحداث التاريخية والتحديات المعاصرة، مما جعل رسالته تصل إلى مختلف شرائح المجتمع.

لم يقتصر دوره على المنبر الحسيني، بل كان له حضورٌ قوي في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث استخدمها كمنصة لنشر الوعي الديني والاجتماعي. من خلال حساباته على منصات مثل سناب شات وغيرها، كان يشارك مقاطع توعوية تحفز على التغيير الإيجابي والتطوير الذاتي، مما جعله قريبًا من قلوب الشباب وأفراد المجتمع كافة.

وفاته وأثره

في يوم الخميس الموافق 13 فبراير 2020 م، ترجل فارس المنبر وودّع الحياة بهدوء بعد أن خضع لعملية قسطرة قلبية في مستشفى الأمير سلطان لجراحة القلب بالهفوف. كان وقع الخبر أليمًا على كل من عرفه، فالحزن لفّ قلوب محبيه في الأحساء وخارجها، لفقدهم رجلًا جمع بين التقوى والعلم والتواضع والبساطة.

لم يكن رحيله نهاية حضوره، بل بداية تخليده. ففي الذكرى السنوية الأولى لرحيله، بادرت مجموعة ثقافية بإصدار كتاب بعنوان ”إشراقة الغروب“، جمعوا فيه مقتطفات من محاضراته وكلماته، ومشاعر الحب والرثاء التي قيلت فيه، تخليدًا لمسيرته وعطائه.

لقد ترك الشيخ عيسى الحباره أثرًا عميقًا، ليس فقط في قلوب مستمعيه، بل في نفوس كل من لمس دفء حضوره وصدق حديثه. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة المنابر، وذكراه نبراسًا يضيء درب المحبة والوعي والارتقاء، ونتمنى أن نرى أشخاصًا مثل الشيخ عيسى الحباره يحملون نفس الخط من التوجيه التربوي ونشر الوعي الديني والاجتماعي، ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، لتفيد الفرد والمجتمع.

رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدّمه من علم وعطاء في ميزان حسناته.