آخر تحديث: 3 / 5 / 2025م - 3:39 م

الوجود المشرق للراحل الأستاذ أحمد عبد المحسن المشعل

يوم 5 رجب 1437 هـ، كان يوما حزينا لا تنساه ذاكرة الوطن حيث ودع أبو عماد الحياة، ولكن ذاكراه لا زالت حية في الأجيال المتعاقبة، تتخذها دستورا في حياتها، تاركا وراءه إرثاً كبيراً من العطاء والبناء الاجتماعي، فلقد كان أمة في رجل.

رحل قبيل غروب الشمس وهو يتهيأ للصلاة، وقد تم تأجيل التشييع إلى اليوم التالي كي يتمكن محبوه من المشاركة في التشييع الذي كان مهيبا، وقد خيم الحزن على الحضور الذين ودعوا وهم يشيعونه أبا حانيا وأخا عزيزا، ومواطنا صادقا العطاء، نذر حياته لخدمة وطنه وأبناء مجتمعه. وقد أمّ الصلاة عليه آية الله الشيخ علي الدهنين الذي عبر عن هذا الحدث قائلا:

”عظم الله أجورنا بفقد هذا الرجل المؤمن العامل النشط، وما ترونه من تجمع للصلاة عليه يكشف حقيقة عن أهمية هذا الرجل ويكشف عن فاعليته في البلد، ومحبوبية البلد له. فحقيقةً، البلد اليوم خسرت رجلا نشيطا وكبيرا، فرحمة الله عليه.“ انتهى.

وقد وصف هذا الحدث المهيب الدكتور الشاعر علي البراهيم:

قومي حليلة واحفلي بالناعي
فلقد دعاكِ إلى المصيبة داع

وذري الهجوعَ فللنواح حمامةٌ
شكلى وللدمع الذروف سواعي

في كل ربع من مرابع حزنها
تنعى العماد بسهلها والقاع

قد هزّ فقدك يا حبيب ترابها
تلك السكينة في حمى الأوجاع

قد عشتَ تحملُ همها وحنينَها
ما كنتُ تغفو.. كيف يغفو الراعي؟!

حملتك أيدٍ للتراب لضجعة
ترتاحُ فيها من ضجيج نزاعِ

قد شيعت فيك السماحة والندى
وطوتُ بيومك صفحة الإبداع

وتلت عليك النادباتُ عزاءَها
وبكتْ نجوم الليل في التهجاع

لذا، يصعب الحديث عن شخصية في الحجم شخصية بحجم الأستاذ أحمد عبد المحسن المشعل، أبي عماد رحمه الله تعالى، فهذا الرجل لم يعرف عنه إلا العطاء المتواصل دونما توقف.

عرفه الوطن طيلة حياته نجما من أبرز نجوم العطاء الاجتماعي، وشعلة متوهجة لا تنطفئ.

كان يحمل هما اجتماعيا كبيرا تقف الكلمات عاجزةً عن التعبير عن سعته، ولذا فهو كان دائم التفكير في المجتمع الذي ينتمي إليه، وكان يرى أنه من الواجب أن يسعى الإنسان بكل ما أوتي من عزم وقوة لتقديم ما يستطيع تقديمه لمجتمعه.

كان أبو عماد متقد الذهن، مبادرا لإنشاء المشاريع الإنسانية التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.

عرف بأبي عماد، وأنه لعمادٌ في كل جانب من جوانب الخير والعطاء الإنساني على تنوع مصادره.

إن أبا عماد شخصية من أبرز الشخصيات التي عرف بها مجتمعنا، وهو شخصية ذات بصمة واضحة في الحياة الاجتماعية بوطننا الغالي، ولقد كان ذا تأثير فاعل في ساحة العطاء الإنساني.

هو إنسان يضيء حياة كل من حوله بما يمتلكه من حكمة، وقوة تأثيرية في حياة الآخرين.

إن أبا عماد ذو عطاء إيجابي عالي المستوى ولم يكن وجوده في الحياة وجودا عابرا، فلقد رسم حياته بنور مشرق أنار به حياة من حوله وكان له دور بارز في رسم ملامح حياة من حوله، تجسد ذلك عمليا خلال أفعاله، والمواقف التي اتخذها، ومنهج تعامله في الحياة.

إن أبا عماد من الخالدين الذين لا يتسرب إليهم روح التردد، بل كان يواجه ما تعتريه من مصاعب بثبات وقوة عزيمة لا تعترف بالخضوع أو الاستسلام.

كان مبارك الخطوات، فكل خطوة خطاها كانت حافزًا للخير، وعنوانا للتفاني والإخلاص في خدمة مجتمعه، ولقد كانت حياته ملأى بالعطاء والعمل المستمر من أجل تحسين حياة الآخرين، سواء كان ذلك عبر مبادراته الاجتماعية أو نشاطاته التطوعية التي حملت روح التعاون والمشاركة الاجتماعية الفاعلة.

كان أبو عماد شخصية محورية في بناء مجتمع أفضل، تاركا لمسات لا تمحى في قلوب من عرفوه، فقد كان مدرسة في الإنسانية والعطاء، وأثبت لنا أن العمل الاجتماعي منهج حياة وضاء، يتطلب منا جميعا أن نكون جزءً من الحل، لا جزءً من المشكلة.

السمات الشخصية لأبي عماد:

لقد عاشرته عن قرب ورأيت فيه من سجايا الأخلاق أعلاها، فلقد كان إنسانا بما تحمله هذه الكلمة من معنى، ووجدت فيه طموحا عاليا، ورأيته نهرا من العطاء يتدفق بكل سلاسة.

الصفات العالية التي اتسمت بها شخصية أبي عماد عبر عنها أناس عاشروه عن قرب، وأكتفي بالإشارة إلى بعضهم.

لقد وصفه أخوه الأستاذ عبد الله المشعل، أبو ميثم:

" كيف أنساك وأنت في كل محفل أزوره أو منشط أرتاده، شامخا متحدثاً وعلماً بارزاً يشار إليك بالبنان فكراً وجهداً وعملاً ونباهة وإدراكا. كنت ثريا في فكرك، غنيا بثقافتك، فصيحا في قولك، مرتبا في عرضك، مستفيضاً في شرحك، تملك من الحصافة ما يعجز عنه الكثيرون، وينوء لفعله المتمكنون، ذهنك وقاد، وعملك رشاد، لم تبخل على أحد بنصيحة، ولم تشح بوجهك عن طالب محتاج، ولا أحيلت إليك معضلة، أكبر القضايا والمشاكل إلا وتسعى جاهدا في حلها، مشمرا ساعد الجد لكشف غمها بكل رحابة صدر وسرور. لك من الوجاهة ما يجعلك مورداً للمحتاجين، ومناراً للقاصدين. كنت واجهة تشرف المكان، ويزدان بك الإيوان، يطمئن بك المصاحبون ويأنس بوجودك المستضيفون، وطنت نفسك لخدمة المجتمع منذ كنت يافعا، حتى أحبك القريب والغريب؛ لأنهم وجدوا فيك ما لم يجدوه في غيرك من النبل والشهامة والعطاء. لم تعمل على تلميع نفسك على الرغم ممن يرغبون في خدمتك وهم كثر، معدنك أصيل، ونفسك كبيرة علوت عن إسفاف الحاقدين ومطامع الجشعين. قدمت في سرك مساعدات لم نعلمها إلا بعد فراقك، ووفادتك إلى ربك، تنازلت عن حقوقك الشخصية رغبة في إصلاح وتعاليا على الجراح، كنت واصلا متواصلا مع أهلك ومحبيك لم يمنعك شتاء ولا صيف، ترفرف على الجميع بجناحك الجميل، وتحنو عليهم بحبك المتدفق الرائع، بكاك الأقربون أباً حانياً، ونعاك الأبعدون أخاً وافياً، ما إن جاء نعيك حتى كان كالصاعقة على من عرفوك، وتساءل بذلك من شاهدوا تلك الجموع التي هزها ألم فراقك، وعظيم مصابك، أي كريم كنت، ومن أي محتد خرجت، لم تبق مؤسسة اجتماعية في بلدتك إلا ولك سبق في تأسيسها ودعم في استمرارها كنت، واضح المعالم لم تخش أحدا في نقاش، ولم تتزلف لمخلوق في معاش، لك من الهدي والصلاح ما جعلك رفيقاً ملازماً لبيت ربك، مؤدياً الصلوات في تجل وخشوع، طالباً رضا ربك، لم تترك حج البيت الحرام، ولا زيارة قبر رسوله والهداة الصالحين، جعلت من نفسك حبيبا ومحبوبا. أليس مع هذا وغيره نقول حقاً عز علينا فراقك؟

كذلك، وصفه رفيق عمره الأستاذ محمد إبراهيم البلادي:

”كان أبو عماد عصامياً في حياته مكافحاً منذ الصغر صبوراً في حياته شريفاً في أخلاقه، مثالياً في تعامله صديقاً صدوقاً ثابتاً في مبادئه، لا يداهن ولا يتملق يتحدث معك بعفوية وبكل شفافية، يجيد لغة الحديث فهو محدث لبق يجبرك على الإصغاء، وإن تحدثت إليه لا يقاطعك يجيد فن التعامل مع الآخرين، فكسب الأصدقاء من كل حدب وصوب، ويمتاز رحمه الله بأنه لا يتكلم معك بلغتين ولا يطالع الناس بوجهين، فهو مقتنع بما يقول وواثق بما يفعل.“

كما وصفه زوج ابن أخته، الأستاذ هشام علي السناوي:

" كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر، فليس لِعينٍ لم يفض دمعها عذر. كان أبو عماد رحمه الله تعالى يحمل قلباً

بسعة الكون، ونفسا أسمى من السماء، وحساً أرق من الندى. كان بارا وصولاً سباقاً كان واعياً مثقفاً، مطلعاً. كان حاضراً في الحدث، صاحب رأي وموقف مبادراً في الخدمة، ثرَّ العطاء. "

أبو عماد موسوعة ثقافية:

لقد أدركت عن كثب سعة ثقافة أبي عماد خلال لقاءاتي المتكررة معه الخاصة والعامة، فقد كان موسوعة في معارف عدة، وإن من يجالسه لا بد أن يخرج بفائدة من مجالسته، فقد كان قوي الحجة في عرض الفكرة يدعمها بشواهد قوية تشهد بسعة ثقافته الاجتماعية والمعرفية.

للإشارة إلى سعة ثقافة الفقيد أبي عماد أضع أمام القارئ ما كتبه أخوه الأستاذ عبد الله المشعل، مسجلا صفحة وضاءة من حياة أبي عماد:

”لقد عاش الأخ العزيز فترة نشطة من الحوارات الثقافية الساخنة، فقد كان محبا للثقافة عاشقا لها، فمنذ أيام الشباب وهو يقتني الكتب القيمة، ويتابع في شرائها، وكان ومجموعة من أصحابه يتجمعون ليلا في منزلنا وتبدأ النقاشات الساخنة، وأتذكر إلى جانب أخي جمع متحدث منهم سالم حمد البحراني أبو حمد، وعلي محمد أبو هشام، ومحمد السلطان رحمهم الله تعالى، ومحمد سلمان العاشور وعلي حسين الأحمد أبو عارف، ومحمد إبراهيم البلادي أبو عاطف، وعلي الكشي أبو جمال، ومحمد أحمد الكشي أبو فوزي، وعبد الله حسين الكشي أبو نضال وآخرون، وكانت النقاشات حامية الوطيس، لكن الروح السائدة بينهم هي روح المحبة والوئام، وقد حضرت الكثير من هذه السجالات الحافلة وأنا صغير، واستفدت منها كثيرا في حياتي العملية؛ إضافة إلى الحرص الشديد على اقتناء أهم المجلات العربية الصادرة في الوطن العربي كمجلة العربي التي تصدر من الكويت ويرأس تحريرها آنذاك المرحوم الدكتور أحمد زكي من مصر، وهي مجلة تستقطب كبار المثقفين لما تحتويه من موضوعات ودراسات قيمة يكتبها كبار أدباء العالم العربي؛ وقد قاد المرحوم الكثير من الحوارات والندوات الجادة عبر المنتديات واللقاءات النوعية، كما قدم ما يربو على ألف ومائتي محاضرة في الصحة والسلامة من خلال عمله في دائرة منع الخسائر في شركة أرامكو السعودية، فقد كان أسلوبه شائقا ولسانه منطلقا، وعباراته جزلة، وبمادته العلمية متمكنا، وهذا يدل على سعة ثقافته والتي لم تكن وليدة يوم، بل نتيجة التراكمات الثقافية الواسعة والمتعمقة، إضافة إلى الآراء السديدة التي يتمتع بها من خلال ما يتناوله من طرح مستنير. كما أن معرفته الواسعة بالأشخاص، وتواصله الكبير مع شرائح المجتمع وعلاقته بهم، ولا سيما في الوسط الثقافي علامة فارقة في مسيرته الشخصية الكريمة، ولذا أحب العلم وشجع عليه.“

بقي أن نشير إلى أن أبا عماد عاش في فترة كان الجهل منتشرا فيها، وكان المد الشيوعي قد اجتاح المنطقة، ولكن أبا عماد لم يتأثر بتلك التيارات، فظل محافظا على إيمانه وإسلامه، بل وساعد في إنقاذ أناس من تلك التيارات الضالة.

أبو عماد ومشروعه الإنساني الكبير، السلامة:

ألقى أبو عماد 1200 محاضرة عن الصحة والسلامة في الشرقية وأرامكو، في الجامعات والكليات في الأحساء وأغلب المدارس الثانوية والعديد من الدوائر الحكومية والمستشفيات والأندية الرياضية وفي مناطق أرامكو في الدمام والظهران أبقيق ورأس تنورة والخبر والأحساء ومناطق أخرى، وكان أبو عماد محاضرا قدير متمكنا من المادة التي يلقيها، يلقيها بكل سلاسة ووضوح مدعوم بالصور الإيضاحية وقد كان قائدا لأسابيع المرور التوعوية في المنطقة الجنوبية لمدة 22 سنة من قبل شركة أرامكو.

عندما كنت أجتمع مع أبي عماد في بعض المناسبات الحزينة المقامة لعزاء شباب أودت الحوادث المروية بحياتهم، كان يحدثني وهو شديد التألم أن كثيرا من هذه الحوادث القاتلة كان بالإمكان منع وقوعها باتباع إجراءات السلامة أثناء القيادة، بدءا من فحص السيارة بين فترة وأخرى للتأكد من سلامتها وانتهاءً باتباع إجراءت القيادة السليمة من ربط الحزام وتجنب السرعة والانتباه إلى الطريق الخ..

لذا كان أبو عماد رائدا من رواد نشر ثقافة السلامة العامة والخاصة في كل جانب له صلة بحياة الإنسان، وكان لا يجد فرصة تسمح له بالحديث في هذا الجانب إلا استغلها، ولا يتوانى عن المشاركة في أي مناسبة يجد فيها فرصة للمشاركة بخبرته وتوجيهاته.

حياته العملية:

كان أبو عماد من العاملين الذين يحملون روح الجد والمثابرة، وقد واجه صعوبات حياتية لأن والده توفى وهو الرابعة عشر من عمره، ولكنه واصل الدراسة، وكان يعمل في أعمال البناء في أوقات العطلات ليوفر لقمة العيش لأسرته، وكان مخلصا في أداء عمله، لذا رغب فيه أصحاب الأعمال.

عمل في البداية في وزارة الصحة ثم غادرها إلى شركة أرامكو، وقد تدرج في الجهتين في مناصب عدة، وقد شهد له رؤساؤه بالجد والإخلاص في العمل، ولذا تم ترقيته إلى مناصب أعلى.

الاهتمام العلمي:

أحب أبا عماد العلم المشوب بالتواضع، فقد التحق أبو عماد مع جمع من إخوته بالجامعة الأمريكية ببيروت وهو في سن كبير، حبا للعلم ورغبة في الاستزادة من المعارف مع أنه كان موظفا، ولم يكن وقتها بحاجة لتلك الشهادة، وقد طلب مني تواضعاً منه أن أشرح له بعض الدروس في اللغة الإنجليزية مع أنني أصغر سنا منه، وهذا يعكس أيضا موقفاً إيجابياً كبيراً لأبي عماد.

الشجاعة الأدبية لأبي عماد:

يمتلك أبو عماد أبي شجاعة أدبية وغيرة أخلاقية عالية، وأتذكر هنا موقفاً. كنت موجوداً في مكتب الإدارة في وقت كان فيه أبو عماد رئيسا لنادي العدالة، وجاء أحد المنسقين للمعسكرات الكشفية من إحدى القرى، وطلب من أبي عماد ترشيح أسماء معينة لحضور المعسكر الكشفي، وكان الأشخاص الذين طلب ترشيحهم معروفين بسلوك انحرافي، فما كان من أبي عماد إلا أن انفعل، وقام بطرده من المكتب، وقال له نحن نحدد من يذهب وليس أنت. إن هذا الموقف يكشف جرأة أبي عماد وشجاعته الأدبية، وغيرته، وإن مثل هذه السياسة التي كان يتبعها هي أحد صمامات الأمان للمحافظة على الشباب المنتمين للنادي.

مكافحته للطائفية:

تعبر هذه الكلمات لأبي عماد عن نبذه للطائفية ودعوته للوحدة الوطنية:

”أنا أسعد في العمل الاجتماعي سواء بين إخواني السنة أو الشيعة فهم أهلي وإخواني. إننا نحتاج إلى تقوية الثقة فيما بيننا ونحن نملك من العلم والخبرة وحب الخير وطيب النفس كغيرنا، ما يجعل مجتمعنا جنة. لا يجب أن نأخذ بالظنون على القيل والقال، وإنما يجب أن نكتب عما نرى ونسمع لعيوننا وآذاننا، ويجب أن يكون التسامح وحسن الظن شعارنا وتنمية المواهب هدفنا، والله يوفق الجميع.“

أبو عماد مؤسس لعدد من المؤسسات الاجتماعية:

عرفته منذ أيام صغري، عندما التحقت بالقسم الثقافي بالنادي وكان وقتها رئيسا لمجلس إدارة نادي العدالة، فهو أحد مؤسسي هذا الصرح الاجتماعي، في وقت كانت النظرة الاجتماعية حول الأندية سيئة ومقاومة المجتمع لوجودها أو الذهاب إليها كانت قوية، ومع ذلك استطاع أبو عماد مع إخوته الذين شاركوه العمل الاجتماعي التغلب على هذه النظرة، واستقطاب عدد أكبر من الشباب والناس للنادي، حيث تم الاستفادة من الطاقات الكامنة لدى الشباب. الجدير بالذكر أن أبا عماد هو أول رئيس للنادي قبل الاعتراف الرسمي بالنادي، وكان له دور كبير في تسجيل النادي رسميا في عام 1404 هـ.

لأبي عماد عطاءات جمة وعالية في جميع المؤسسات الاجتماعية في الحليلة وخارجها، فهو أحد المؤسسين لجمعية الحليلة الخيرية، وهو لم يكتف بتأسيسها فحسب، بل سعى مع إخوته لتتويجها بسلسلة من النجاحات المتتالية من خلال أفكاره النيرة، وكان أول نائب رئيس لإدارتها.

كذلك فهو من المؤسسين للجنة المتابعة ببلدته، وكذلك لمهرجان الزواج الجماعي، ولم يكن حضوره - رحمه الله - في الزواجات الجماعية حضور الضيوف، بل حضور القائمين العاملين الساعين لنجاحه، حيث كان يشارك بأفكاره وتوجيهاته، وحضوره المباشر في السعي لإبراز المهرجان في أحلى صورة وو أجملها، ولقد كتب مقالة ضمنها رؤيته وانطباعاته حول مهرجان الجماعي الخامس والعشرين بالحليلة.

أشاد المهندس عبدالعزيز عبد الله المضحي، رئيس نادي العدالة سابقا بدور أبي عماد أحمد عبد المحسن المشعل رحمه الله تعالى، قائلا:

" هو الأب والأخ والصديق والمعلم والقائد، والمرشد الناصح الذي لم يبخل على قاصديه بمشورة أو رأي، فهو صاحب الرؤية الثاقبة والتي تجلت فيه من القيادة والتخطيط للمستقبل، وقد أثرت آراؤه السديدة لجان العمل الاجتماعي وانعكس ذلك في مسيرة نادي العدالة الذي كان أحد أقطابه منذ أيامه الأولى، وحتى قبيل وفاته رحمه الله تعالى فهو المستشار الأمين، فقد تشرفت أن أكون لاعبا في فترة ترؤسه لإدارة نادي العدالة، فهو واحد من الرجال القلائل الذين كانت بصماتهم لا تنسى في مسيرة هذا النادي، إذ استطاع بما يملك من إرادة ونفوذ واحترام وبجهوده المضنية أن يلم شتات فرق الحواري تحت سقف واحد، هو هذا الصرح الكبير المسمى بنادي العدالة.

نعم لقد كان قريباً منا بقلبه ومشاعره وتوجيهاته الأبوية التي تأسرك بقوتها ومتانتها وأصالتها الفريدة والتي تعتبر كنزا ثريا من العلم والخبرة والمعرفة لما حباه الله تعالى من حب وتفان لهذه لمؤسسة الشبابية ولغيرها من مؤسسات ساهم بكل جهد في بنائها، فهو واحد تربى على الحب والعطاء وزرعه في نفوس من حوله. لقد تتلمذنا ومنذ الصغر على مدرسته الحكيمة النافعة والتي لم تأل جهدا في تقديم عصارة ما أوتيت من فكر وعمل."

أبو عماد نائب رئيس جمعية المتقاعدين بالأحساء:

كانت تجربة أبي عماد مع جمعية المتقاعدين بالأحساء منذ تأسيسها، فقد التحق بها عضوا وكلف في البداية بمسؤولية تنظيم الحفلات التي يحضرها محافظ الأحساء ومدراء الدوائر الحكومية ووجهاء المنطقة، ثم اختير عضوا في إدارة الجمعية، وكلف منسقا للعلاقات العامة، وبعد ذلك وبسبب حضوره المشرق تم اختياره نائبا لرئيس الجمعية، وقد نال الموافقة والتشجيع من محافظ الأحساء ومعالي الفريق الطيار عبد العزيز هنيدي رئيس مجلس إدارة الجمعية؛ وتعريفا برسالة الجمعية، قام أبو عماد بزيارة عدد من الدوائر الحكومية ولجان التنمية الاجتماعية في مدن الأحساء وقراها لشرح أهداف جمعية المتقاعدين ورسالتها الإنسانية، وهذا يكشف أن أبا عماد جعل من مرحلة التقاعد مرحلة عطاء وليست مرحلة ركود وجمود.

المسؤوليات الإدارية:

تولى أبو عماد عددا من المسؤوليات من بينها:

- مراقب صحي ومشرف ثقافي واجتماعي في مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف.

- مدير مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف.

- رئيس المراقبين الصحيين في مستشفى الملك فيصل بالأحساء.

- مدير التثقيف الصحي في مستشفى الملك فهد بالهفوف

- مدير الإسكان في مستشفى الملك فهد بالهفوف.

- مدير إدارة المكتب الصحي ومدير رعاية الأمومة والطفولة.

- مساعد مدير الخدمات العامة بمستشفى الملك فهد بالهفوف.

- مساعد مهندس سلامة ومستشار سلامة في أرامكو لمدة 24 سنة.

بعض الأنشطة التي نظمها:

نظم المعرض الصحي الأول والأكبر في الشرقية في مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف، شاركت فيه 28 جهة من بينها قسم الملاريا والمعهد الصحي وعدد من المستشفيات والمستوصفات وأرامكو ودوائر حكومية، وعدد كبير من شركات الأدوية وأندية وجمعيات خيرية. وقد حضر المعرض مسؤولون كبار في وزارة الصحة وشخصيات بارزة، وشاهد المعرض آلاف المواطنين والمواطنات، وكان محل إشادة، ولم يخل من الجانب الإنساني فقد وزعت تبرعات الشركات على الأسر الفقيرة بمحافظة القطيف.

نظم حملة توعوية كبيرة برعاية أمير الشرقية السابق سمو الأمير محمد بن فهد، بمشاركة وزارة الصحة وبلدية الأحساء والجمعيات الخيرية والدفاع المدني ومركز الملاريا وجامعة الملك فيصل والمرور ومركز التنمية الاجتماعية بالجفر، وقد وزعت 18 شهادة شكر للمشاركين، كان نصيب نادي العدالة منها 12 شهادة، حيث إنه كانه عليه الثقل الأكبر في عملية الإعداد والتنظيم.

تفعيله ليوم الصحة العالمي 7 أبريل من كل عام، كما ذكر ذلك الأستاذ مؤيد العبيدي، المشرف بالمعهد الثانوي الصناعي بالهفوف، حيث ساهم أبو عماد في تنفيذ فعاليات هذا اليوم ومتابعته.

بأمر من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب - رحمه الله - كلف أبو عماد بقيادة أكبر حملة نظافة وتوعية في الأحساء بإشراف رعاية الشباب بالأحساء عندما كان الأستاذ محمد القشعمي مديراً لها، وهذا يكشف اهتمامه التوعوي الكبير بالمحافظة على البيئة.

- مشارك ومنسق في مؤتمر الجمعيات الخيرية في المملكة عندما كان نائب رئيس جمعية الحليلة الخيرية.

- الإشراف على عشرات المعارض عن السلامة خلال عمله في شركة أرامكو.

- عمل في مجال الخدمة الاجتماعية أكثر من 55 سنة.

- تولى إصدار مجلة المتقاعدين - العدد الأول - بجمعية المتقاعدين بالأحساء.

- شارك في البحث الذي قامت به شركة أرامكو - إدارة منع الخسائر - عن الإطارات في الشرقية.

- عمل عددا من البحوث والدراسات عن الصحة والسلامة.

- تم اختياره محكمات لفلم خطة الإخلاء الذي أعدته إدارة التعليم بالأحساء.

- مثل الجمعية الوطنية بالأحساء في اللقاء الكبير الذي أعدته جمعية البر بالأحساء.

- شارك في كل نشاطات مكتب رعاية الشباب في عهد مدير المكتب الأستاذ محمد القسامي.

- كان له الدور الكبير مع رفيقه الأستاذ سالم حمد البحراني في تسجيل أرضي مدرستي الثانوية والمتوسطة للبنات، حيث كانت بعض الأيدي على وشك أن تمتد إليها، ولكن بفضل الله وجهود الراحلين لم يتم ذلك.

لقد عبر الشيخ والأديب عبد الله عيسى السناوي عن شخصية أبي عماد اخترت منها هذه الأبيات:

سل محفل العلم كم كانت حناجره
تعطي فنحسبه عطراً وريحانا

جمعية الخير من أرسى قواعدها
حتى نمى خيرها برا وإحسانا

سل العدالة من نمي براعمه
حتى تدلت بنبع الخير أغصانا

وسل وسل عن صفات لست أحصرها
لا أستطيع لها حصراً وتبيانا

جهوده في مكافحة الملاريا والكوليرا:

كلف من قبل مدير عام الملاريا بالشرقية بإعطاء أدوية الملاريا لكل قرى الأحساء وتوعيتهم بالملاريا وخطورتها.

كلف من قبل إدارة الملاريا بالشرقية بإعطاء أفراد الحرس الوطني وعوائلهم بالأحساء بداية قدومهم أدوية الملاريا وإرشادهم مع عوائلهم والمساهمة في تحسين وضع المخيمات للعوائل والأفراد.

واللطيف في الموضوع، أن موظفي قسم الملاريا فشلوا في إقناع الأخوة في الحرس بأخذ الدواء، وكان أبو عماد وقتها طالبا في المعهد الصحي ولكن بسبب براعته في الحديث والإقناع استطاع إقناعهم، وتم تقديم الدواء لجميع الأفراد والعائلات، وقد تم تقديم خطاب شكر له في ذلك من الحرس الوطني ومن وزارة الصحة وإدارة المعهد الصحي، وقد كان ذلك أول خطاب شكر يناله.

وعندما انتشر مرض الكوليرا في القطيف، تم اختياره من قبل مديرية الشؤون الصحية بالشرقية ليكون سكرتير لجنة الطوارئ لتغطية منطقة القطيف كلها بتقارير يومية، وقد أدى المهمة بامتياز، وكان يعمل أكثر من 12 ساعة يوميا دون مقابل عن ساعات العمل الإضافية.

شهادات التقدير:

إن من الأمور المتجلية في حياة أبي عماد هو اهتمامه بأمور السلامة من جوانبها المختلفة، وقد دفعه ذلك للحضور في أماكن كثيرة وفي مناسبات متعددة، وقد أعطى توجيهات وإضاءات من خبرته في أماكن كثيرة داخل بلدته وخارجها.

حصل أبو عماد على عدد من الشهادات التقديرية من المرور والدفاع المدني وإدارة التعليم والجامعات والمعاهد والمدارس والأندية والجمعيات، تقديرا لجهوده وعطاءاته الواسعة.

بسبب جهوده في مستشفى الملك بالهفوف تلقى شهادات شكر من معالي وزير الصحة د. حسين الجزائري ومدير الشؤون الصحية بالشرقية د. سيف الدين شككلي.

ومما يشهد بكفاءته، أنه عندما قرر الانتقال من وزارة الصحة إلى أرامكو، رفض مدير المستشفى آنذاك، إبراهيم الصيني الموافقة على إخلاء طرفه، وقدم له عروضا مغرية في الراتب والمنصب، ولكن استمرار إلحاح أبي عماد على طلبه جعل الدكتور الصيني يوافق على مضض على طلبه بعد شهرين من تقديم الطلب.

عندما كان طالبا في المعهد الصحي بصفوى تم اختياره رئيسا لمجلس الطلبة بالإجماع، وكذلك ذلك تم اختياره رئيسا للنشاط الرياضي ورئيس لجنة الإعاشة بالمعهد الصحي بصفوى.

وهذه الشواهد تشير إلى أن أبا عماد كان كما كان اسمه، مشعل عطاء يجذب الانتباه.

أبو عماد والعلاقات الاجتماعية:

إن أبا عماد شمس امتدت أشعتها لمساحة واسعة، فقد كانت له علاقات واسعة، ومن السمات الواضحة في حياته هو محافظته على استمرارية تلك العلاقات حتى لو كانت نتيجة ظروف خاصة كاللقاء في حملات الحج مثلاً، فقد التقى ببعض الأطباء في إحدى حملات الحج، ولم تنته علاقته بهم بانتهاء الموسم، بل تواصل معهم فيما بعد، وهو بهذا يتبع منهجاً إسلاميا في المحافظة على العلاقة بالإخوان.

ولذا ظل على تواصل مع أصدقائه وزملائه الذين جمعهم معه مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف، لم ينقطع اتصاله بهم وتواصله معهم لسنين عديدة، وقد عبر عن ذلك المهندس حسين أحمد السنان: ”في كل مناسباتنا كان المشعل حاضرا إما بشخصه، أو يأتينا صوته عن بعد متدفقا بحنان الأخوة ووفاء الصداقة.. يطمئن علينا تارة ويهنئ أو يواسي تارات أخرى.. هذا الرجل الذي عرفناه يضم في صدره قلب طفل.“

لقد حظي أبو عماد ببناء شبكة عالية من العلاقات الرائعة في أرجاء وطننا الغالي، وكان محل الإشادة والتقدير أينما حل وارتحل.

علاقته مع أرحامه وأصدقائه:

من الإضاءات الجميلة في حياة أبي عماد هو اهتمامه الكبير بصلة أرحامه، حتى الأقارب الأبعدين، ولقد لمست ذلك بنفسي في مواقف عدة، وكذلك إشادة أولئك الأقارب بتواصل أبي عماد معهم.

كان حسن المعاشرة دمث الأخلاق، وكان ذا ثقافة عالية وقد أحبه القريب والبعيد، وكان كثير التواصل مع أرحامه، يفيض عليهم بمشاعر الحب، وكان كثير المساعدة للمحتاجين منهم بالدعم المادي، وكان يخاطب الصغار: أنا عمكم، أنا خالكم، وكانوا يفرحون كثيرا عندما يلتقي بهم.

كانت يده الكريمة، يدا تمتد في الخفاء ملامسة لحاجات الأقارب، تقدم عطاءها قربة لوجه لله تعالى، وليس من أجل الشهرة.

كان لا يخبر أحدا بما أعطى، فقد كان دعمه لأقربائه في الخفاء، وقد عرفت كثير من تلك المساعدات بعد رحيله، وكانت تلك المساعدات تشكل تأمين حاجيات تلك الأسر كبعض الأجهزة من مكيفات وثلاجات وغيرها، بالإضافة إلى الدعم المادي، لذا كان فقده كبيرا لدى أولئك.

وصفه أخوه الأستاذ أبو ميثم مخاطبا:

يا كهف كل حسير صده زمن
بالغاليات ترفق خشية الحسد

فقدن فيك الغوالي والداً حدبا
يلملم الشمل غير النصح لم يرد

يتابع الأهل وصلاً كل شاردة
ليست تفوت بحب مفعم رغد

هو الوصول لرحم ليس يمنعه
فرط الأسى إن تجرعة من العدد

هو العليم بقرب الآل منضبطاً
الله درك من عريف مجتهد

يقول صديقه وزوج بنت أخته الأستاذ طاهر محمد العيثان، أبو عبد الإله:

”من أهم صفات الفقيد السعيد أنه كان يهتم دائما بزيارة أقربائه وأصدقائه بالرغم من كبر سنه وصغر من يقوم بزياراتهم الدورية، فكان رحمه الله يزورنا في المنزل في كل المناسبات وخلال الفترات المتفاوتة بينها ويجلس ويستمع ويناقش ويوجه، وقل في زمننا الراهن من يقوم بمثل هذه العادات.. وهذه العادة لها سنوات طويلة. كان الفقيد أبو عماد يهتم اهتماماً كبيراً في إصلاح ذات البين، ويحاول بقدر ما يستطيع أن يضغط على بعض الأطراف في سبيل التوصل إلى نتيجة مرضية للجميع وقد حقق في ذلك النجاح الباهر.“

الحضور الاجتماعي الواسع:

لخص أبو عماد رؤيته في العمل الإنساني بقوله: ”إن العمل الإنساني يطهر النفس من كل الملوثات التي نقع فيها نتيجة الأخطاء المقصودة أو غير المقصودة، كما أن هذه الأعمال تبعث البركة من الله علينا أفرادا وجماعة، كما أن العمل الخيري يريح النفس ويزيل هموم النفس، وفق الله الجميع لعمل الخير.“

ويقول معاتبا المبتعدين عن ساحة العطاء الاجتماعي:

”أما الذين لا يسهمون في خدمة أهلهم وناسهم فعليهم عتب، ويجب أن يكون لنا دور، مهما كان بسيطا في خدمة الوطن الذي له حق الولاء والطاعة والإخلاص له، لأنه من تربينا وترعرعنا وتعلمنا في وسطه وبين ناسه، ولا يمكن لأي مجتمع أن يتطور إلا بجهود المخلصين من أبنائه البررة.“

إن تفاعل أبي عماد مع المجتمع جلي كضياء الشمس، فقد كان لا يتردد في تقديم أي خدمة يستطيع أداءها، ومن أمثلة ذلك سعيه الدؤوب لحل المشكلات الأسرية سواء التي بين الأزواج، أو بين أفراد بعض الأسرة - إخوة، آباء - أو بين الأقارب أو الجيران والأصدقاء، وكان لا يشعر براحة إلا إذا انتهى من حلها.

المتابعة المستمرة للأمور المرتبطة ببلدته والسعي لتسهيل تحقيقها، وكان لعلاقاته الواسعة دور في تذليل تلك الصعاب.

مشاركته الواسعة في دعم الأنشطة ذات الطابع الرسمي والشعبي داخل الحليلة وخارجها.

نظرا لرجاحة عقله فقد كان يستشار في كثير من الأوقات من قبل الهيئات واللجان الرسمية والشعبية.

- سعيه لدعم المؤسسات الاجتماعية ببلدته خلال متابعته المستمرة حضوريا أو كتابته عنها.

- تصدره لجان الاستقبال في كثير من المحافل والبرامج، وقد كان واجهة اجتماعية ذات ثقل اجتماعي كبير.

وصفه الأستاذ الراحل محمد مبارك العلي:

”مشعل.. له وفيه من اسمه الكثير من المعاني، فعندما يقف أمامك هذا الرجل فلا يسعك إلا أن تحبه وتهابه في نفس الوقت.. هو المشعل السباق دائما في ميادين الخير والعطاء.. الشامخ كالنخلة في بساتين الإبداع والنجاح.... ذلك المربي من تحت أجنحته المفرودة المثقلة بريش النبوغ والأدب تخرج المئات من النابغين والمثقفين والمبدعين في شتى مجالات الحياة، يجوبون أصقاع المعمورة ويحلقون.“

عطاء متواصل حتى اليوم الأخير من رحيله:

في آخر يوم في حياته تم دعوته من قبل رئيس لجنة المتابعة الأستاذ طاهر العيثان للمشاركة في افتتاح معرض فني لطالبات الثانوية بمدرسة ثانوية الحليلة للبنات» مساءً «حيث مشاركة كثير من مدارس الثانوية للطالبات، فلبى الدعوة بكل تواضع ولم يتخلف عن الحضور في أي عمل تطوعي، وقد سجل كلمات في كراس الزيارات للمدرسة، وقد كان هذا آخر عمل اجتماعي توجه بحضوره في آخر يوم من حياته."

تقديره للشخصيات الفاعلة، وتشجيعه للطاقات والكفاءات العلمية والعملية:

أذكر هنا أنني عندما كنت أدرس في كلية الطب، طلب مني أن أحضر مع بعض الإخوة اجتماعات إدارة جمعية الحليلة الخيرية ضيوف شرف، وقال لي نريد أن نستنير بآرائكم ونستفيد من وجهات نظركم لتطوير الجمعية، وهذا الموقف يكشف من جهة اهتمامه الكبير بنجاح العمل الاجتماعي، ومن جهة أخرى تقديره للطاقات الاجتماعية والكفاءات العلمية وهذه من سمات أبي عماد، حيث كان يقدر الشخصيات العلمية، ويحمل نحوها تقديرا خاصا.

لأبي عماد بعض الكتابات المطولة والمختصرة في الإشادة ببعض الشخصيات ذات العطاء العلمي أو العملي أو الاجتماعي أو الحياتي، فقد كتب عن عدد من الشخصيات مشيرا إلى جوانب معينة رآها في حياتهم، كما كتب عن المتميزين من الحليلة.

كتاباته:

دون أبو عماد جزءا من مسيرة حياته ومشاريعه الاجتماعية والإنسانية بقلمه، وهي كتابات جديرة بالاطلاع.

لأبي عماد عدد من المقالات حول الصحة والسلامة في مناسبات عدة.

كذلك، كتب قصة كفاح بعنوان: التضحية في سبيل النصر

وله كتاب لم يكمله بعنوان: الحركة الرياضية في الحليلة.

وكذلك كتب عن بعض الجلسات الأخوية التي جمعته مع بعض الإخوة في مجلس صديق طفولته وعمره الحاج أحمد حمد السلطان، أبي ماهر

أبو عماد وأدب المراسلات:

يوجد عدد من المراسلات بين أبي عماد وأصدقائه ومعارفه، وهذه الرسائل تحمل فكرا ووعيا وتجسد فلسفة أبي عماد في الحياة، وهي جديرة بالاطلاع لما تتضمنه من إضاءات وإشراقات حياتية وإنسانية واجتماعية.

وأن أدعو إلى الاطلاع على تلك المراسلات القيمة وكذلك ما كتبه الراحل بقلمه وما كتب عنه، فهذه الكتابات تضمنها الكتاب الذي ألفه أخوه الأستاذ عبد الله المشعل «أبا عماد، مكانك القلب» وهو زاخر بالمعاني والإضاءات الإنسانية العالية، ويمثل تجربة اجتماعية إنسانية ناجحة.

نظرته إلى المرأة:

في رسالة منه لرفيق دربه في العطاء الأستاذ محمد أحمد الكشي، أبي فوزي:

”إن اقتصار المرأة على الأعمال المنزلية لهو شيء محزن، فالمرأة لا تكون صالحة إلا إذا كان إنتاجها أكثر من استهلاكها، كما هو الرجل.... لنا عقول نفكر بها، ونعلم علم اليقين أن تعلم المرأة يخلق وجود تكافؤ بين الزوجين وهو شيء عظيم؛ أما إذا لم يوجد تكافؤ فمن الصعب أن يحيا الزوجان الحياة المطلوبة، فنحن إذا علمنا المرأة وجدنا تكافؤً بيننا وبين أزواجنا.. حينما نصمد ونقف على أرض صلبة أمام المعارضين ونفتح المجال لبناتنا إلى التعلم، فتتعلم وتشعر بعذوبة التعلم وتندفع تلقائيا إلى الدراسة، وتعرف واقعها وتدافع عن حريتها وتثبت حقوقها المهضومة، ولذلك نكون قد أدينا واجبنا، حينما شاركنا في تنمية مجتمعنا ورفعنا معنوية المرأة الريفية.“

رؤيته حول الإعلام:

من كتاباته حول هذا الجانب؛

”إن الإعلام مثل الأم المربية إذا أحسنت التربية حققت نجاح وعم الخير ذلك الوسط. إننا إذا أردنا أن نكتب يجد نكون منصفين ويجب أن نكتب بعقولنا وليس بعواطفنا، نكتب ونحن نعلم أن من نكتب عنهم هم إخوتنا وأبناء عمومتنا وجيراننا، وأن من نكتب عنهم نذروا أنفسهم لخدمتنا وكل إنسان يخطئ ويصيب، ولكن إذا أخطأ يجب أن نرشده لأنه ليس متخصصا، وإنما هو متطوع جاء ليخدم دون مقابل، ويتعلم، ويجب أن نحسن الظن بالله ثم بهم، لأن الجهد الذي يقدمونه من حياتهم لي ولك، لا يقدر بثمن، وإن من لا يشكر الناس لا يشكر الله.“

أبا عماد الأب:

عادة يكون المنشغلون بالحضور الدائم في المجتمع مشغولين نسبيا عن أسرهم بسبب حجم ما يحملونه من مسؤوليات وضيق الوقت المتاح للأسرة، ولكن لم يكن الحال مع أبي عماد، فقد خلق توازنا بين حاجيات أسرته وحاجيات مجتمعه، وكان شديد القرب من أسرته وأبنائه، تشهد بذلك كلماتهم التي عبروا عنها عن ذلك الجانب.

وصفه ابنه عماد، وهو معلم لغة عربية بقوله:

" كان والدي رحمة الله عليه مثالا للأب القريب من أبنائه بتعامله بجلساته بضحكاته، بتحفيزهم بمشاركته، برسم مستقبلهم، فكانت له اليد الطولى برسم مستقبل جميع الأبناء ومتابعتهم الحثيثة في كل خطواتهم ونجاحهم.

ناهيك عن أنه كان أبا رؤوفا رحيما عطوفا بأبنائه، فقد أثر في نفسيته عندما كان يتيم الأب وهو بعمر الرابعة عشرة سنة فعوض حنان اليتم في فلذات كبده، فكان نعم الأب."

عاش أبي كل حياته وهمه الأول بعد رضا رب العالمين أسرته ورعايتهم وتلبية كل احتياجاتهم، فنهل عليهم بالحب والعطف والحنان. رحمك الله يا أبي وأعلى درجاتك في جنان الخلد."

وقد ترجمت ابنته مريم - اختصاص أحياء وماجستير علوم بيئة ودبلوم عالي تعقيم - هذه العلاقة الأبوية بقولها:

"وهل تفي والدي بحر الكلمات.

أحن قلب احتواني وأخوتي في هذه الحياة، سندي وبطلي الأول والأوحد، صديقي والأقرب لي روحاً وشخصاً، لا تفيه الكلمات حقاً. العمد الذي مال، الدفء الذي حل محلهُ البرود، الكرم اللامنتهي حُباً وعطفاً وحناناً علينا وعلى أبنائنا."

كما جسدت علاقته الأبوية ابنته الأستاذة فاطمة، وهي معلمة رياضيات خلال هذه الترجمة الأدبية الرائعة:

"كيف يُوصف أبي أحمد!

أبي عظيمٌ لا يُوصف..

كم وكم أبحرت في معاجم الكلمات،

وكم مرّةً كتبتُ عنهُ نصًا وخاطرةً وشعرًا،

أريد أن أُترجم شيئًا عميقًا في قلبي لوالدي،

ولم تدرك وصفهُ حتى هذه الساعة أي كلمات!!

أريد أن أصف حنانه، وصوته الحاني حين ينادينا،

نظرة عيناه لنا، وكيف أشعر أن الوخز حين يصيبنا يُدمي قلبه قبل أن يطالنا الألم،

أتساءل ”مما خلقت يا ربّ قلب أبي؟“

كل المواقف حين أعود لها تهيّج مشاعري وتُدمي قلبي شوقًا إليه، كل لحظاته معنا حنونةٌ ودافئة، لم يرفع صوته عليّ قطّ وأبدًا منذُ أن فتحتُ عيناي على أنفاسه، حتى ارتحلت روحه عن الدنيا، وظلّت تُرفرف في جوف روحي.

العظمة.. أننا كُنا ثمانية، كل واحدٍ فينا كان يعتقد أنّهُ أحبّ أبنائه إليه؛ لأنهُ كان يظلّل كل واحد فينا ببحرٍ من الحب، وبقدر حاجتنا.. بل ويفيض!

بما يُوحي أنّه الأحب والأقرب.

لم أمرض يومًا إلا وكان دفء يديه فوق رأسي بلسمي ودوائي، لم يُصبني جرحٌ أو خدش إلا وكان أبي ضمّادتي،

لم يتجاوز عن أبسط الجروح الظاهرة فيّ وفي أخوتي، فكيف يتجاوز عن حاجةٍ داخلية لنا!

لم يتضجّر ولم تعلوا على وجهه ملامح التعب أو الملل رغم عدد المرات التي كان يأخذنا فيها للمستشفى للعلاج!

كنت أظن أن أبي هو صورة الآباء جميعًا، حتى كبرت وصرت أسمع ما يفعله بعض الآباء بأبنائهم!

فحمدت الله على نعمة أبي.

كان لوالدي عادةً أبصرتها منذُ الطفولة فيه،

لم يبكي أحد يومًا من إخوتي وأخواتي أو أحفاده، إلا وسقاه الماء بيديه ليهدأ، كانت رشفة الماء تلك مطبّبة لكل دمعة، وجابرةً للخواطر.

لم يكن لأوجاع الحياة مدخل لقلبي قطّ وأنفاس أبي حاضرة،

فكيف نصبِر على مرّ الحياة بعده!

لم ينادينا بأسمائِنا مفردة.. كانت أسماؤنا دائمًا

متبوعةٌ بأبوّته، فاض حنان الأبوة في وعاء قلبه، تجسّد على هيئة كلمة عميقة لا تغادر نداءاتهُ أبدًا، يريد أن يخبرنا بأنهُ يحبُّنا، وأننا نعني له الشيء الكثير..

”يبه عماد، يبه عبير... يبه فاطمة“

لم تكن في مسامعي مجرد كلمة، كانت تتسلل لقلبي، ترسم البهجة والسرور العميق، وكأن هذه الحروف الثلاث سحرٌ سماويّ تتنزّل على كل وجع يصيبنا إذا نطقها الحبيب فيتلاشى، ربما لأنه المشاعر المرهفة تغلب على مشاعر الإناث.. فكانت التفاصيل هذه كلها تعني الكثير والكثير.

لم نُشفى من غيابه،

لا تعني السنين شيئاً، كم سنة ٍ مضت منذُ رحيِله؟!

إنّهُ الأمس دائمًا.. بكل مشاعره!

لا تجفّ الدمعة، ولا تهدأ الزفرة

ولا يُطبّب الجرح العميق.. الكسر لا ينجبر

والصبر والسلوان بيد الله سبحانه الجبّار،

لا أوجع الله قلوبكم."

أبو عماد في كلماتهم:

نضع أمامكم بعض الكلمات التي قيلت في حق الراحل الكبير أبي عماد من قبل بعض الشخصيات البارزة:

الأستاذ عبد العزيز الشعيبي مدير المكتب الرئيسي لرعاية الشباب الأسبق بالأحساء:

"كان رجلا شهما وكريم الخصال وقوي الإرادة، سمح النفس، سخي الروح، تراه فتحبه، صاحب خلق رفيع

وذوق سديد، حسن المعشر، طيب القلب."

د. علي الخرس، استشاري الطب النفسي والمدير التنفيذي والطبي لمستشفى المانع العام بالأحساء:

في كل مرة أتشرف بلقاء المرحوم الحاج أحمد المشعل في مكتبي عند مراجعته للمستشفى، فمنذ دخوله بهامته الفارعة ووجهه المشرق المبتسم أشعر بروحي تهفو إليه - فتنجذب إلى صوته الهادئ الرخيم، وهو يبدي بعض الملاحظات والمقترحات القيمة التي تصب في خدمة المستشفى ومراجعيه. فبرغم أن زيارته للمستشفى أصلا للعلاج من بعض المشاكل الصحية، إلا أن اعتقاده المطلق بأن «الدين النصيحة» وأن كمال الإيمان هو ترجمة العلم إلى العمل في خدمة الآخرين يدفعه في كل زيارة إلى تقديم النصيحة كما هو معروف عنه من بذل وقته وجهده وماله في خدمة مجتمعه بعيداً عن الأضواء والبهرجة، وبنفس الحماس والحيوية إلى آخر يوم في حياته. لقد كان الفقيد نموذجا للمواطن المؤمن الصالح المنفتح على آراء الآخرين؛ وإن كنا فقدنا شخصه إلا أن روحه الطاهرة وشخصيته الملهمة ستبقى محفورة في قلوب مجتمعه، ونبراساً ينير الطريق لتلاميذه ومحبيه لمواصلة مسيرته في العمل الاجتماعي. رحم الله الحاج أحمد المشعل فقيد العلم والعمل."

الأستاذ محمد بن عبد الرزاق القشعمي، مدير المكتب الرئيسي لرعاية الشباب الأسبق بالأحساء:

”وكان كعادته متحمسا وناشطا في الهموم الاجتماعية، ومسارعا في تقديم الخدمة لمن يطلبها دون من أو أذى.“

المهندس حسين بن أحمد السنان، مدير شركة النقل الجماعي بالمنطقة الشرقية:

”عرفته منذ خمسين عاما... شاباً يافعاً قادماً من الأحساء... الابتسامة لا تفارق محياه.“

الأستاذ محمد رضا نصر الله، عضو مجلس الشورى سابقا:

”رحم الله أبا عماد، فقد كان رجلا يفيض محبة ونورا على من عرفه وسيرته العطرة تنم عن نفاسة معدن وطيب أصل.“

الأستاذ أحمد المغلوث:

”ترك ذكرى عطرة مشبعة بأعماله ونشاطاته وابتسامته. وحتى صوته المميز الذي لا ينسى.“

الأستاذ حبيب البخيت، الأمين العام لنادي العدالة سابقا:

”لم يكن أبو عماد مجرد رجل يعيش يومه وينتظر غده دون تغيير.. فلقد لمسنا من خلال زياراته للنادي واتصالاته المتكررة قدرته الهائلة على البناء والتنظيم وتطوير الأفكار وامتلاكه القوة المؤثرة وإمكاناته الهائلة نحو بناء خلية من النحل تنضح بالنشاط الدافق وبوتقة سامقة ترتكز على الشفافية والبراعة وعنصر المبادرة.. حيث كان مجلسه واحة ظليلة وملتقى ثابتة للحديث عن هموم الوطن والمجتمع الحليلي والغوص بكل قوة في أسبار المركبة العدلاوية وإيصالها لشاطئ النجاة.“

الصيدلي الدكتور حسن علي الخميس، أبو البهاء، رئيس نادي العدالة:

"الليلة نحن في ذكرى رجل مخضرم بين جيلين، فهو أحد أولئك الرواد الذي تفتقت أفكارهم على وعي محلي وخارجي مختلف عن نمطية العيش السابقة له، وكان على محك الوقت ليضع ورفاقه علامات فارقة وبصمات نحتت شتات عطائها على صخرة الزمن وذاكرة الأبدية… أستذكر للحظة بعض المواقف التي يزودني فيها الراحل بطاقة

فريدة وابتسامة نابعة من صميم القلب، ذلك هو الحب الذي يوزعه هدية على كل عابر ويتقرب به لكل متحدث، ولأنه الصدر الذي يحتضن كل صغير وكبير، تجده حاضراً بكل ما يملكه من حس ووعي منفردين، لا يبخل برأي ولا يتردد عن الامتثال لأي محفل."

وقد عبر عن السيرة المشرقة لأبي عماد سماحة الشيخ العلامة عبد الجليل البن سعد:

”أبو عماد رضوان الله عليه، كان نبراسا وكان فارسا لا يعرف الترجل، ولا يستأنس بالراحة، أنه الرجل الذي يجد أنسه ويجديها ته ويجد انجذابه وانسداده في التعب من أجل راحة الآخرين.. كنت استمع لاقتراحاته ومداخلاته التي يشارك بها في الاجتماعات التي تعقدها لجان البازة، وكانت مثمرة جدا، وتنم عن وعي وذكاء اجتماعي متفرد، أستطيع القول إنه صاحب كلمة مؤثرة.“

وختاما، أقول: إن كان قد مر على رحيلك عنا يا أبا عماد عدة سنوات، فلا زالت شمس عطائك متوهجة تبث النور في كل مكان، ولا زلنا نتدارس سيرتك العطرة في كثير من أماكن وجودنا؛ رحمك الله رحمة الأبرار، وأعلى درجاتك في جنات الخلود.

استشاري طب أطفال وحساسية