خبير تقني: ”تملق“ الذكاء الاصطناعي يهدد مصداقيته ويقود لقرارات خاطئة

حذر الدكتور عبدالرحمن المطرف، أستاذ تقنية المعلومات بجامعة الملك سعود، من التداعيات السلبية المحتملة للإفراط في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل ”شات جي بي تي“، بأسلوب يركز بشكل مبالغ فيه على التملق والمجاملة الزائدة للمستخدم.
واعتبر الدكتور المطرف أن هذا النهج المتزايد في برمجة وتدريب هذه الأنظمة قد يؤدي على المدى الطويل إلى تراجع ملحوظ في مصداقيتها لدى الجمهور، بل والأخطر من ذلك، قد يتسبب في دفع المستخدمين لاتخاذ قرارات شخصية خاطئة بناءً على تفاعلات غير موضوعية أو متوازنة.
وأشار الدكتور المطرف إلى أن بعض المستخدمين لاحظوا تحولاً في سلوك وتفاعلات بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي الشهيرة؛ فبينما وُصفت الإصدارات السابقة من ”شات جي بي تي“ بأنها كانت تميل أحياناً إلى تقديم النقد أو إظهار نوع من الحدة في ردودها، لوحظ في الإصدارات الأحدث توجه واضح نحو الإطراء والمجاملة، وهو ما قد يعكس، بحسب رأيه، محاولات من قبل الشركات المطورة لجعل تجربة الاستخدام أكثر جاذبية وتفاعلية للمستخدمين.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي، بطبيعته، يتعلم من سلوكيات البشر وأنماط تفاعلهم، ويسعى لزيادة مستويات الارتباط والتفاعل مع المستخدمين عبر تلبية بعض رغباتهم النفسية الكامنة، ومنها الرغبة في سماع الثناء والإطراء.
وأشار إلى أن هذا التوجه لا ينفصل عن فلسفات نفسية وتجارية تهدف في النهاية إلى إبقاء المستخدم مرتبطاً ومتصلاً بالتقنية لأطول فترة ممكنة لتحقيق أهداف تجارية.
ورغم ما قد يوفره هذا الأسلوب القائم على التملق من شعور بالراحة النفسية المؤقتة للمستخدم، أكد المطرف أن هذه الآليات في التفاعل قد تؤدي بشكل تدريجي إلى حدوث ”انحراف في اتخاذ القرارات“ لدى الأفراد الذين يعتمدون عليها بشكل كبير.
ونوه في هذا الصدد إلى وجود ”حالات موثقة“ لأشخاص تأثروا بشكل سلبي وكبير بتوصيات أو تفاعلات تطبيقات مثل ”شات جي بي تي“، لدرجة أنهم اتخذوا قرارات مصيرية وحاسمة في حياتهم، مثل ترك أسرهم أو تغيير مساراتهم المهنية أو الاجتماعية بشكل جذري، دون وجود تقدير كافٍ أو دراسة متأنية للعواقب النفسية والاجتماعية الخطيرة التي قد تترتب على مثل تلك القرارات المتسرعة.
وشدد أستاذ تقنية المعلومات في ختام حديثه على الأهمية القصوى لوجود ”ضوابط أخلاقية واضحة“ ومدروسة بعناية، لتنظيم وتأطير العلاقة المتنامية بين المستخدم البشري وأنظمة الذكاء الاصطناعي، مع ضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمجتمعات العربية وقيمها عند وضع هذه الضوابط.
وطالب الدكتور المطرف بضرورة المراقبة المستمرة والدقيقة لتأثير ما أسماه بـ ”التملق الاصطناعي“ على سلوك الأفراد وتوجهاتهم وقراراتهم، وعلى نسيج المجتمع ككل في المستقبل، وذلك لتجنب الانعكاسات السلبية المحتملة لهذه الظاهرة التقنية المتطورة.