هل الشعر موهبة طبيعية أم يمكن اكتسابها؟
Is Poetry Considered a Natural Talent?
2025
الشعر، باعتباره شكلًا من أشكال التعبير الإبداعي القديم [1] ، يمكِّن الشاعر من نقل خواطره وأفكاره ومشاعره بشكل إيقاعي «في شكل تفعيلة». في كثير من الأحيان، يثير الشعراء مشاعر «انفعالات» القراء والمستمعين. الناس في جميع أنحاء العالم ينظرون إلى الشعر نظرة إعجاب وتقدير، ويسعون جاهدين ليصبحوا شعراء أنفسهم [2] ، لكن الكثيرين منهم لا يستمرون في هذه المحاولات بسبب اعتقادهم بأن الملكة الشعرية فطرية، ولا يمكن اكتسابها، لكن هل هذا الادعاء صحيح؟
الشعر [3] يعتبر موهبة طبيعية «فطرية» ومهارة يمكن للناس اكتسابها. يبدو أن البعض لديه انجذاب طبيعي وقدرة على كتابة الشعر [4] ، في حين يحتاج البعض الآخر سنوات من الدراسة لكتابة أعمال شعرية مؤثرة. في وجود القدرة على الخيال [القدرة الفطرية في العقل البشري لخلق أفكار أو صور [5] ] والانفعال «المشاعر» [6] والإبداع، يمكن لأي شخص أن يصبح شاعرًا [7] .
يناقش هذا المقال الشعر [8] وما إذا هو ملكة فطرية أو موهبة مكتسبة. ويتطرق إلى تعليم الشعر [9] ولماذا تعتبر المشاعر «الانفعالات» جانبًا مهمًا جدًا في الشعر [10] .
يمكن أن يكون الشعر [11] مهارة مكتسبة أو موهبة فطرية. مع التعليم المنهجي، يمكن لأي شخص تقريبًا ترتيب الكلمات والأفكار والعواطف في قطعة شعرية [12] . ولكن بعض الناس قادرون بشكل طبيعي على إنتاج أعمال شعرية مثيرة للمشاعر، وذلك بالتعبير عما يدور في خواطرهم دون عناء، حتى مع عدم تدريب أو تعليم منهجي رسمي.
بشكل عام، يبدو أن معظم الناس لديهم علاقة في اللاواعي بالشعر [13] .
تلاحظ دراسة نشرت في مجلة Frontiers في علم النفس [14] أن معظم البشر يعربون عن تقديرهم للأعمال الشعرية. الدراسة توحي بأن أدمغتنا مصممة لتتأثر بشكل أساس لإدراك انسجام النص الشعري [الانسجام الشعري هو عندما تتوافق الجوانب المختلفة من القصيدة، من كلمات وأصوات وصور وإيقاعات - بسلاسة لخلق شعور موزون وجميل وسلاسة مشاعرية] دون أي خبرة أو تدريب منهجي مسبق.
لذلك، لا غضاضة [15] لو قلنا أن بإمكان أي شخص أن يكون شاعراً.
يبدأ الناس حياتهم كمبدعين. كأطفال، نقضي غالبية أيامنا في الاستكشاف والتخيل. نوظف قدرتنا على الإبداع في التلوين والرسم والتأليف الموسيقي، واختلاق ألعاب جديدة ومثيرة. نلعب بالأشكال والألوان والأصوات وحتى باللغة [الأدب، كما يبدو].
تظل هذه القدرات في داخل كل شخص منا، وبإحياء هذه الغريزة الفنية التي نمتلكها جميعًا، يُولد الإبداع [16] .
الكل لديه مخيلة. أي شخص يطلق العنان لهذه المخيلة [17] يفتح الباب على مصراعيه للتعبير الإبداعي. الرسامون والنحاتون والموسيقيون والشعراء [18] جميعهم من المبدعين الذين يستخدمون قوة المخيلة لاستحداث شيء جديد وعميق في هذا العالم.
هذه هي القدرة الشعرية [19] - أن تندهش وتتخيل وتفكر وتشعر وفي النهاية تبدع شعرًا. يتعين على بعض الناس أن يعملوا بجدية أكثر لتطوير هذه القدرة الفنية الموجودة فطريًا في دواخلهم [20] [المشتركات بين الفن والشعر يتمثل في إخراج مقطوعات فنية مدهشة].
القدرة الشعرية يمكن تعليمها. كل من الشعراء المتعلمين رسميًا [الشعراء الذين تلقوا تعليمِا أكاديميًا في الأدب بشكل عام أو في الشعر أو في الكتابة الإبداعية] وأولئك الذين يولدون على ما يبدو بمواهب شعرية يمكن أن يبدعوا شعرًا قويًا بتوظيف طرق تخيلية ومشاعرية «انفعالاتية» ولغة مجازية وطرق أدبية «النقد الأدبي، انظر النظرية الأدبية [21] . الجانب الأكثر أهمية من الشعر [22] يتمثل في الشغف «الرغبة التي لا تقاوم» [23] .
اعتبر الشعر كالموسيقى [24] . ينخرط بعض الناس في التعليم الموسيقي المنهجي [25] من الطفولة. يتعلمون قراءة النوتة الموسيقية، ويعزفون على الآلات الموسيقية، ويحفظون الألحان الموسيقية [26] ، والغناء المتناغم والمتزامن «غناء النوتة الصحيحة في وقتها الصحيح». ويستمرون في تعلم الموسيقى لسنوات طويلة [27] .
من ناحية أخرى، هناك بعض الناس يأخذون الآلة الموسيقية، ويبدؤون بالعزف عليها بشكل طبيعي وكأن لديهم خبرة مسبقة. يملكون قدرة بديهية لا تصدق [28] على ملاحظة النوتات غير المتوقعة، وحفظ اللحن، والغناء بانسجام مع الموسيقى ومع الجوقة دون أي تدريب منهجي رسمي، بل وبدون الحاجة إلى النظر في النوتة الموسيقية [29] . وبإمكانهم العزف تمامًا كما يعزف شخص درَّسها لسنوات طويلة [30] .
هناك من لديه قدرة طبيعية على ما يبدو على الخطابة والسلاسة والكتابة الإيقاعيّة «الشعرية». غالبًا ما يقال لهم بأن ”لديهم موهبة في استخدام اللغة بطريقة ساحرة، أو بليغة، أو فعالة، أو مقنعة“. بالرغم من عدم تلقيهم أي تدريب منهجي، إلا أنهم قادرون على كتابة الشعر الذي يعبر عن مشاعرهم وأفكارهم، ويقولون الشعر بطريقة تثير استجابة انفعالية «عاطفية» من القارئ أو المستمع.
من ناحية أخرى، هناك أولئك الذين قضوا سنوات في قراءة وتحليل الشعر والأدب الكلاسيكي [31] . لقد درسوا الأدب المكتوب في الجامعات [32] وفي أوقات فراغهم. ويتمكنون أيضًا من كتابة الشعر [33] بسهولة والتأثير في مشاعر القراء بشكل معين.
إجمالًا ومع أخذ كل شيء في الاعتبار، يمكن تدريس الشعر [34] . بإمكان كل من الشعراء الموهوبين بطبيعتهم والشعراء الذين تلقوا تعليمًا منهجيًا في الشعر أن ينتجوا شعرًا بجودة عالية.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فن الشعر أكثر تعقيدًا من الكلمات المقفاة [35] . يستخدم الشعر الإيقاع والسلاسة وجميع أشكال اللغة المجازية، بما في ذلك التعبيرات والتشبيهات والاستعارات. يوظف الشعر أيضًا الكثير من الأساليب الأدبية [36] ، مثل السجع [37] ، والمحاكاة الصوتية [38] ، والجناس المصوت [39] . بالإضافة إلى ذلك، فإنه يتطلب صورًا ومشاعر نابضة بالحياة.
تنظيم الأفكار والخواطر في العمل الشعري الإيقاعي السلس ليس سوى جزء واحد من فن الشعر. وربما يكون الجانب الأكثر أهمية في الشعر [40] «وهو الشغف والمشاعر. في الواقع، قد يملك أولئك الذين لديهم حساسية مشاعرية موهبة طبيعية لإنتاج الشعر.
المشاعر مهمة في الشعر [41] لأن المشاعر تأتي من القلب. الشعر والمشاعر يسيران يدًا بيد [42] .
كتابة الشعر الذي يثير المشاعر [43] تتطلب حساسية لتقلب ظروف وأحوال ومفاجآت الحياة. الشعر بلا مشاعر دائمًا يفتقر إلى الجوهر.
في الواقع، تقييم شيء، أو خبرة، أو شخص، أو مكان لا يتطلب المعرفة فحسب. بل يحتاج إلى مشاعر أيضًا.
على سبيل المثال، العواصف الرعدية. بالرغم من أنك قد لا تفهم تمامًا كيف تتكون، إلا أنك تدرك كيف تؤثر في شعورك. بإمكانك كتابة كلمات عن العواصف الرعدية دون أن تفهم العلم الذي وراءها.
على سبيل المثال:
تضطربُ السماءُ إذا ما زمجر الرعد،
ويرجف الفؤادُ من صوته المجلجل.
إنه شعور بالتوقع قبل قبلة الوداع والتمني بليلة سعيدة أو الشعور بالغموض أو الحيرة عندما تقضي ساعات مع صديق يناقش معنى الحياة. بعد أن تصبح أكثر انسجامًا مع هذه المشاعر [44] ، بإمكانك أن تحول تلك الخواطر إلى أبيات شعرية لاستثارة تلك العاطفة عند قراء شعرك.
أصحاب المشاعر يفهمون الأعمال الشعرية بشكل أفضل، ويبدو أن لديهم موهبة طبيعية لكتابة الشعر، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكن لشخص آخر من أن يصبح شاعراً. يمكن لأي شخص لديه خيال وموهبة للكتابة أن يؤلف شعرًا عاطفيًا بجودة عالية.
بالرغم من أن المحاولة قد تأخذ غير الموهوب وقتًا أطول مما تأخذ الشاعر المولود موهوبًا، إلا أن ذلك ليس مستحيلًا.
بعد أن تصبح أكثر انسجاما مع مشاعرك تجاه ما حولك والانفتاح على قدرات تخيل واسعة، وامتلاك شغف ورغبة حقيقية لا تقاوم للشعر، بإمكانك أن تصبح شاعراً قبل أن تعرف أنك كذلك.