آخر تحديث: 1 / 5 / 2025م - 4:31 م

فئات عكس التيار تهدم ولا تبني...

جمال حسن المطوع

لو صادف شخصٌ ما مشكلة لم يكن يتوقعها، وخاصة إذا كان فيها سوء فهم حاصل، وحصلت بشكل متكرر وصار هناك إشكال ولغط وتباين بين الأفرقاء في وجهات النظر، ووصلت إلى طرق مسدودة، هنا لا بد من دخول طرف ثالث محايد يهدئ الأمور، ويطفئ النار المشتعلة بلطيف القول وجميل الفعل لتبريد الأجواء وإعادة الأمور إلى مجاريها الطبيعية. ولكن في بعض الأحيان، تجري الأمور في اتجاه معاكس، فإذا الذي أراد بتدخله الإصلاح زاد الأمور سوءًا، إذ بدلًا أن يكون محايدًا لِلَمِّ الشمل ومنع الشتات، وقف مع طرف ضد الآخر، وسكب الزيت على النار، وازدادت الفرقة والتباعد والتنافر والتشاحن، وكأنه أراد أن يكحلها فأعماها بسوء تصرفه وعدم حكمته، خاصة إذا كان هذا الشخص يتظاهر أمام الناس بأنه يخاف الله ويتبع شرعه، وحريصٌ - كما يدعي - على السعي بكل ما أوتي من قوةِ إيمانٍ وتقوى لخلق المودة والترابط بين المتنازعين. ولكن في حقيقة الأمر، إن ما يملكه من وازع ديني وأخلاقي ما هو إلا قشور يتظاهر بها أمام الرأي العام ليضلل من حوله بالكلام المعتوه وتشتيت الأذهان، مدعيًا أمام من يحاورهم رغبته في الإصلاح وتقارب القلوب، وهو باطنًا يهدف إلى دس السم في العسل. وكما قيل: ”كلمة حق يراد بها باطل“، فتراه يرفع الصوت ويُظهر خبث السريرة، مدعيًا بأنه يسعى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن هو واقعًا الآمرُ بالمنكر والناهي عن المعروف.

هذه الفئة من البشر خطرٌ على السلم الأهلي والاجتماعي، لأن هناك من يشاطرهم عن جهل وغفلة فيما يطرحونه من التلبيس بالدين، والدين منهم براء براءة الذئب من دم يوسف. وعلى العقلاء والخيرين وأهل الإيمان والخوف من الله كشفُهم وحمايةُ الناس من أفكارهم وأضاليلِهم؛ حتى لا يقع الناس في حبائلهم وأشراكهم، ورفعُ القداسة عنهم، ووضعُ الرجل المناسب في المكان المناسب ليقود السفينة إلى شاطئ الأمان بقوة وثبات، ويتحملَ كل الصعاب ضد أولئك المتطفلين، وحمايةُ المجتمع من أن يقع ضحية تلك العقول التي تهدم ولا تبني، وتفرق ولا تجمع. والله الموفق.